ميليشيات شرف البوليس بتاعة علي سالم

الكاتب المسرحي الكبير (في السن) “علي سالم” كتب مقالة منذ عدة أيام في جريدة الشرق الأوسط بعنوان “جماعة شرف البوليس”، وهي للأسف ليست عنوان مسرحية هزلية أو سياسية ساخرة أو حتى مأساوية، بل هي فكرة يطرحها بالفعل بشكل جاد ويحرض عليها.

الكاتب الكبير يدعو بشكل جاد لإنشاء جماعة أو كتائب أو ميليشيات من رجال الشرطة الحاليين أو السابقين أو من المواطنين “الشرفاء” المتعاطفين معهم لتكون مهمتهم هي قتل كل من يظنون أنه إرهابي أو مخرب، وإحراق منزل كل من يعتدي على سيارة ضابط شرطة وذلك لمجرد الاشتباه، بحيث تكون جماعة أو ميليشيات شرف البوليس مهمتهم هو الانتقام وتطبيق ما يظنونه “عدالة” بالمخالفة للقانون وخرقاً للدستور ولمجرد الاشتباه.

وكأن ذلك لا يحدث فعلاً، وكان الشرطة المصرية لا تقتل على أساس الهوية وكأنها لا تخالف القانون والدستور والأعراف الدولية، وكأنه لا يوجد بالفعل ميليشيات البلطجية والمسجلون خطر الذين يطلق عليهم إعلامياً لقب “المواطنين الشرفاء” والذين يقومون بالفعل بمساعدة الشرطة في قتل المتظاهرين وفض المسيرات السلمية.

الكاتب الكبير يدعو الشرطة وحلفاءها لمزيد من الانتهاكات للدستور والقانون بحجة حماية كرامة البوليس.

لم أقابل هذا الكاتب الشهير من قبل ولا أعول كثيرًا أن أي نقد لتحريضه قد يجعله يتراجع فهناك مقالات كثيرة قرأتها أيضًا تنتقد مقاله الذي يقطر فاشية وكراهية، ولكن فعلاً الأمر خطير، لا تكمن خطورته في أن علي سالم يكتب مقالات تحرض على العنف والفاشية والدموية، فهناك الكثير من الكتاب الذين تحولوا نحو الفاشية من قبله غير مأسوف عليهم، ولاتكمن الخطورة أيضا في أن مقالته تلك تخالف الكثير من الأفكار التي تتحدث عنها مسرحياته.. فهناك قبله صحفيون وكتاب كثر تخلوا عن مبادئهم التي طالما نادوا بها في شباباهم أو قبل أن يتقربوا للسلطة.

ولكن الخطورة تكمن في الفوضى التي يدعو إليها “علي سالم” والتي إن سادت سوف تنقلب عليه.

فمقالته تنطلق من نفس الأساس الذي يبني عليه الجهاديون عملياتهم، نصرة الحق.. الانتقام والقتل لتطبيق شرع الله وعدالته في الأرض.

دعونا نتخيل أن هناك جماعة أخرى أطلقت على نفسها جماعة شرف ضحايا الشرطة، وكان هدفها هو تطبيق العدالة من وجهة نظرهم ومخالفة القانون غير العادل والدستور الظالم.

وطبقوا بأيديهم ما يعتبرونه عدالة ضد كل من يعتبرونه مواليًا للنظام أو الشرطة أو مريدًا لعنف الدولة.

وبالتالي سنجد من يحاول تطبيق العدالة “من وجهة نظره” على الكاتب علي سالم نفسه بصفته مواليًا لرجال الشرطة القتلة، فهناك بالفعل من تم حبسهم ظلماً وهناك بالفعل شباب ليسوا “إخوان” ولا بيحبوهم وتم قتلهم في مظاهرات سلمية، وهناك بالفعل شباب ليبرالي علماني تم قتله بيد الشرطة قبل بدء حتى المسيرة السلمية.

فهل من حق أهالي هؤلاء الشباب تطبيق ما يعتبرونه عدالة بأيديهم وكسر القانون والدستور كما يحرض الكاتب علي سالم، هل من حق ميليشيات تطبيق العدالة على رجال الشرطة أن يعاقبوا على سالم مثلاً لأنه يدافع عن الظلم والاستبداد؟

لم تكن يومًا الفاشية هي الحل، فالعنف والفاشية يؤدي للعنف المضاد والفوضى، وكان أولى بالكاتب المخضرم أن يدعوالجميع بمن فيهم الشرطة إلى احترام الدستور والقانون لأنهم فعليًا أول مخالفيه، ويلفقون القضايا ويتسببون في ظلم الآلاف كآلاف الشباب المظلوم في السجون.

الظلم يؤدي إلى التطرف.. والقمع والكبت يولدان الانفجار

والعنف لن يؤدي إلا لعنف مضاد، والتطرف سيؤدي لتطرف مضاد

ولو طبق كل فرد العدالة من وجهة نظره سنتحول لغابة وفوضى… هذا ما نادى به الكاتب “علي سالم” في مسرحياته وكتاباته… زمان.

أضف تعليق