إلى الصديق عمرو بدر

الصديق العزيز عمرو بدر .. قرأت مؤخراً مقالتك التي رفضت فيها حملات تشويهي واتهامي بالخيانة رغم انك من المختلفين معي في الرأي.

وقد كانت المقالة رائعة تعبر فعلاً عن القيم النبيلة التي نحتاج للتذكير بها في مصر وهي حرية الإختلاف والخلاف مع المحافظة على الإحترام المتبادل ونبذ لغة التخوين والتشويه أثناء الخلاف السياسي.

فما أحوجنا في زمن الفاشية والصوت الواحد وتخوين المختلفين والمعارضين أن نكرس لقيم الإختلاف الراقي المحترم والدفاع عن المبادئ بغض النظر عن الشخص والخلافات القديمة.

 

وضربك لهذا المثال الراقي في الإختلاف مع الإلتزام بالدفاع عن المبدأ والحق في نفس الوقت ليس بغريب عليك، فأنت من الأساتذة والكتاب المحترمين منذ كتاباتك في الدستور 2004، وقد كنت اتابع كتاباتك منذ أن كنت عضو منتمي لحركة كفاية أواخر 2004 أوائل 2005، ولا أنسى بالطبع كتاباتك الشجاعة والعقلانية عندما تم إثارة موضوع السفر لدراسة تجارب التغيير في صربيا ودول أوروبا الشرقية عام 2009 عندما نصحت بأنه لا جرم من فتح نافذتنا لرؤية كل تجارب وخبرات الآخرين ولكن ا نسمح لأي فكرة غريبة بالقفز إلى النافذة أو أن يفرضها أحد علينا.

 

ورغم اني قرأت تدوينتك مؤخراً والتي أوضح تاريخها ان كتابتها كان منذ فترة، ولعل وصلك رأيي و ما كتبته من قبل في نقد المناضل حمدين صباحي ولحملته الفترة الأخيرة.
بداية أعتذر إن كان الغضب هو ما كان يحكم بعض كتاباتي خصوصاً عن حمدين صباحي وحملته، فقد تعرضت لظلم شديد في الفترة السابقة وحتى الآن، وللأسف شارك في حملات التشويه والتخوين بعض من رموز حملة حمدين صباحي.

ورغم كل ذلك أؤكد أن من حق حمدين صباحي الترشح للرئاسة بغض النظر عن موقفي من الانتخابات عامة، فلا أحد ينكر دور حمدين النضالي كل تلك السنوات ولا أنكر حقه في الترشح، وكذلك أرى ان من حق بعض الثوريين اعتبار حملة حمدين مُتنفس أو منصة لإعادة التذكير بالثوة ومطالبها، ولذلك فمن حقه الترشح ومن حق الأصدقاء دعم حملته كوسيلة – طبقاً لرؤيتهم – أو فرصة – طبقا لتقديرهم – لإعادة التذكير بالثورة.

 

ولكن أيضاً من حقي أنتقاد حمدين وإنتقاد رموز حملته لأسباب كثيرة، بعضها موضوعي وبعضها شخصي.

أولا من حقي إنتقاد التجربة الناصرية، وليس مَن ينتقد عبد الناصر بكافر أو خائن أو عميل أو يريد عودة الإستعمار والرجعية، ورغم انتقادي للتجربة الناصرية ولكني لا أكره عبد الناصر، بل أحترم حلمه وزعامته وطهارة يده وانحيازه للبسطاء ومساندته لحركات التحرر من الاستعمار، ولكن من حقي أن انتقد تجربته وأتخوف من عودة الإستبداد وحكم العسكر وفساد ضباط الطبقة الحاكمة وإنشغال الجيش بالسياسة وهو ما أدى لضعف الجيش وهزيمة 67 وضياع سيناء، بالإضافة لقتل الحياة السياسية وفرض الحزب الواحد والصوت الواحد والإعلام المضلل وغياب الحرية والديمقراطية.

 

أما بالنسبة للانتخابات الحالية، فلا أتهم من يشارك فيها بخيانة الثورة وأرفض تخوين حمدين صباحي على هذا الأساس وأرفض آفة التخوين عموماً، ولكن من حقي أن أرفض الانتخابات وأدعوا للمقاطعة لأنها بالفعل مسرحية هزلية، رغم أنني دائماً كنت من دعاة المشاركة نظراً لخلفيتي الليبرالية الإصلاحية، ولكن هذه المره بالفعل لا أرى إلا مأساه ومحاولة لإضفاء شرعية على عملية الإجهاز على ثورة 25 يناير، فجميعنا يعلم أن نظام مبارك عاد لينتقم من ثورة 25 يناير وكل ما يمت لها بصله.

ولذلك فمن حق حمدين الترشح ومن حق البعض عصر الليمون ودعمه كوسيلة للتواصل مع الشارع والتذكير بالثورة، ولكن من حقي أن أدعوا للمقاطعة وأن أختلف مع الزملاء بدون تخوينهم.

 

وأخيراً لا أستطيع أن أنكر غضبي من التخوين والتشويه والسب والقذف والتحريض الذي مارسه بعض رموز وكوادر حملة حمدين صباحي ضدي وضد حركة شباب 6 ابريل منذ عصير الليمون في 2012 وحتى كتابة هذه السطور، وبالطبع لا أنسى حملات التخوين والتشويه عندما اعترضنا على إجراءات ما بعد 3 يوليو، ثم دفاع رموز حملة حمدين صباحي عن قانون التظاهر وتحريض البعض على حبسي علانية في وسائل الاعلام أواخر نوفمبر 2013، ثم شماتتهم بعد حبسي، وحتى التضامن بعد ذلك كان انتقائي وليس دفاعاً عن مبدأ.

لا أريد أن أعمم ولكن هذا حدث بالفعل من أسماء معروفة ولايزال م حقي أن أغضب من تلك الممارسات والتصريحات التي لم يتم تصحيحها حتى الآن.

 

ولذلك أرجو ألا تغضبك هذه الرسالة وألا تزيد الفجوة، وأتمنىأن يحذوا الزملاء حذوك في إحترام الإختلاف وإحترام الرأي الآخر بدون تخوين وبدون عصبية وبدون صوت عالي.

وكذلك أرفض الحملات القذرة والشعواء التي تتهم حمدين بالعمالة والخيانة لمجرد رغبته في الترشح أمام السيسي، أرفض تشويه حمدين صباحي والحملات التي يطلقها ضده رموز نظام مبارك، فرغم إختلافي مع حمدين وبرنامجه وحملته إلا أنني أحترم تاريخة النضالي وأحترم رغبته في خوض معركة الرئاسة.

 

لا أريد أن تكون رسالتي عبئاً جديداً على حمدين، ولكنها رسالة لصديق، وربما تكون بداية للتصحيح والمراجعة والانتباه للأخطاء.

شكراً على تهذبك وأخلاقك وإختلافك الراقي الذي ضربت به مثلاً رائعاً.

 

أحمد ماهر

ليمان طره


** مقال عمرو بدر المشار إليه  http://yanair.net/archives/2177