البداية – الجزء الرابع

كان صباح يوم الإضراب مختلفًا عن كل أيام السنة، كان يوم ٦ أبريل ٢٠٠٨ موافقا ليوم الأحد الذي يفترض فيه أن يكون أكثر زحامًا؛ لأنه بعد إجازتي الجمعة والسبت.. ولكن المفاجأة أن كل الشوارع كانت خالية من المارة هذا اليوم.. المحلات مغلقة.. مواقف الميكروباص خالية من الطلبة والموظفين الذين يتجمعون كل صباح يوم الأحد.. وذلك المترو خالٍ من الركاب..

إنه يوم الإضراب

كانت مفاجأة لي شخصيًا، لقد استجاب الناس لدعوة الإضراب، وبدأت الاتصالات بالمحافظات؛ للتأكُّد، وكانت هناك عدة مفاجآت؛ الأولى أن الحالة واحدة في معظم المدن الرئيسية في المحافظات سواء في وجه بحري أو الصعيد، وإن لم يكن هناك مظاهر للإضراب في القرى والريف .

الخبر الثاني هو بدء الاعتقالات في صفوف النشطاء قبل أو أثناء التجمع لبدء التظاهرات المعلن عنها في الميادين الرئيسية في المحافظات، ولم يكن ذلك الخبر مفاجأة بالنسبة لي .

ففي ليلة الإضراب، وبعد بيان وزارة الداخلية ٥ أبريل، بدأت بالفعل بعض الاعتقالات لبعض النشطاء المعروف عنهم قدرتهم على قيادة التظاهرات من “شباب من أجل التغيير” .

وبالنسبة لي اضطررت للمبيت خارج منزلي؛ حيث كانت هناك مراقبة لمنزلي ومنزل أسرتي، وكان لابد أن تذهب زوجتي لتُقِيم مع أهلها في ذلك اليوم؛ تحسبًا لأي مداهمات من أمن الدولة، وحيث كنت وقتها أبا جديدا وكانت ابنتي في الشهر الثاني، وكان لابد من حماية زوجتي وابنتي الرضيعة من موقف مداهمة أمن الدولة للمنازل والذي لا يتم فيه احترام حرمة المنازل ولا النساء ولا الأطفال ولا كبير السن، وحدث بالفعل ما توقعته من مطاردات لي ومداهمات لمنازل النشطاء المعروفين ومراقبة منازل المعارف والأصدقاء، ولكن ما كان يهمني أكثر هو  نجاح اليوم، ولذلك كان ليلة ٦ أبريل أشبه بليلة الامتحان، هل نستطيع أن ننجح فعلاً؟!

بعد إصدار وزاره الداخلية لبيان التحذير من المشاركة في الإضراب اتصلت بي إسراء لتعبر لي عن قلقها من اعتقالها ولكني طمأنتها… ما تخافيش مش بيعتقلوا بنات.. أنا اللى هتمسك مش انتي..

ولكن ما حدث هو العكس؛ فقد تم اعتقال إسراء ونادية مبروك أثناء جلوسهما على أحد مقاهي وسط البلد قبل بدء أي فعاليات؛ فقد كانت الشرطة في كل مكان في وسط القاهرة، وكل من هو  معروف وجهه من “شباب من أجل التغيير” يتم اعتقاله مباشرة، وكذلك كل من يرتدى تي شيرت أسود أو يحمل علم مصر، وفي هذا اليوم تم اعتقال عدد ضخم من الشباب الذي لم يشارك في أي حدث احتجاجي من قبل، شباب كانت أول مشاركة سياسية له هو إضراب ٦ أبريل.

كان عليَّ منذ الصباح متابعة التحركات التي تم ترتيبها مع الزملاء من “شباب من أجل  التغيير” وهي الحركة الشبابية الأولى التي كانت الأبرز في ٢٠٠٥ كجزءٍ من حركة «كفاية» والتي شرفت بأنني كنت أحد أعضاء اللجنة التنسيقية لـ«شباب من أجل التغيير» في أواخر ٢٠٠٥ وأوائل ٢٠٠٦.

ورغم أن حركه «شباب من أجل التغيير» قد تفككت في أواخر ٢٠٠٦ إلا أن شبكة النشطاء والمدونين استمرت في التواجد وفي معارضة نظام مبارك وفي فضح الفساد، وكذلك دعم الإضرابات العمالية والاحتجاجات الفئوية، وكان مخططًا أن تتم تحركات احتجاجية عديدة في يوم ٦ أبريل يقوم بها النشطاء ذوو الخبرة سواء في القاهرة أو المحافظات.

ولكن تم فض مسيرة شرق القاهرة والقبض على قيادتها مثل كريم الشاعر وضياء الصاوي، وكذلك تم اعتقال كل النشطاء المعروفين في وسط القاهرة، وكان أبرزهم: محمد عواد، وإسراء عبد الفتاح، ونادية مبروك. وتم اعتقال المهندس محمد الأشقر، مسئول حركة «كفاية» في محافظة الجيزة قبل بدء أي مسيرات.
وتم اعتقال كوادر وقيادات حركة «كفاية« و«شباب من أجل التغيير» وشباب حزبي الغد والعمل في القاهرة والمحافظات، وكان أبرزهم: أحمد نصار في الإسكندرية، وأحمد ميلاد في البحيرة، ومحمد مصطفى في بورسعيد، ومجدي قرقر، وأحمد بدوي في القاهرة، بالإضافة لعشرات في كل محافظة على مستوى الجمهورية .

وأصابني الإحباط بسبب الاعتقالات وإفشال المسيرات قبل البدء، وبدأت جبهة الدفاع عن متظاهري مصر في مركز هشام مبارك بمتابعة المعتقلين الذين كانت أغلبهم من الشباب الجديد الذي تم الإفراج عنهم آخر النهار مع ترحيل الشباب المعروف للسجون المختلفة، ولكن كان لمدينة المحلة رأي آخر.

في المحلة تم إفشال الإضراب العمالي، وتم إجبار العمال على العمل القهري، كما تم اعتقال قادة الإضراب مثل كمال الفيومي… وتجول التلفزيون المصري في
مصنع المحلة للغزل والنسيج وأجرى حوارًا مع العمال الذين يشكرون الرئيس مبارك ويرفضون الإضراب .

وكذلك فعلت كل الفضائيات التي تجاهلت أي اعتقالات أو إضرابات في الجامعات أو أحداث المحلة .

ولكن في مدينة المحلة الباسلة خرج أهالي المحلة للتظاهر مطالبين بخفض الأسعار وزيادة المرتبات، وعندما تجمعوا في ميدان الشون بدأ الأهالي في تكسير أصنام مبارك وإزالة صوره المنتشرة، وكانت هذه أول مرة يكون فيها خروج شعبي عفوي حقيقي ويدركون عفويًا أن مبارك الذي يحكم مصر منذ ٢٧ عامًا هو المسئول الرئيسي عن المعاناة وارتفاع الأسعار وانتشار الفساد والاحتكار والمحسوبية، وهو المسئول الرئيسي بصفته واضع السياسات ورأس السلطة التنفيذية .
وكانت قوات الأمن مستنفرة منذ البداية، وبدأت الاشتباكات، واستعمل الأمن هِوايته في القمع والضرب والسحل والقتل والاعتقال العشوائي، مما زاد غضب الأهالي بشكل أكبر واشتعلت الأحداث .

واستمرت الاشتباكات لثلاثة أيام تم اعتقال المئات وإصابة العشرات وقتل بعض المواطنين، وكان بعض الشهداء من الأطفال الذين كانوا في البلكونات .
وعلينا أيضا ألا نغفل دور حزب الجبهة الديموقراطية في المحلة وفتح مقر حزب الجبهة في ميدان الشون للدعم الإعلامي والحقوقي، ومن أبرز شباب حزب الجبهة الديموقراطية الذين ظهروا في هذا اليوم، شادي الغزالي وأحمد عيد وعمرو صلاح وناصر عبدالحميد .

وكادت الشرارة تنتقل من المحلة لباقي مدن الدلتا وتحدث الثورة لولا تحرك قوات الأمن المركزي والقوات الخاصة من كل مدن الدلتا إلى مدينة المحلة الكبرى وتحولت المدينة لثكنة عسكرية وتم عزلها عن باقي المدن والمحافظات، وتحولت شوارعها لساحة حرب شوارع .

في هذه الأثناء كنت قد نجوت بأعجوبة من محاولات الاعتقال يومي ٥ أبريل و ٦ أبريل ، وبالطبع لم أعود لمنزلي أو منزل أهلي أو مقر عملي أو أي مكان معروف، وتابعت الاتصالات بالمحافظات والمحلة خصوصًا بالإضافة لعمل الإعاشة ومتابعة المعتقلين .

وكانت المهمة الأهم بالنسبة لي هو عدم إحباط أعضاء جروب الفيسبوك، خصوصًا بعد أخبار الاعتقالات، وكان من المهم استمرار بث روح الحماسة في “الجروب” وتشجيع الشباب ومحاربة الخوف والإحباط في أوساط الشباب الذي كان يشارك في حدث سياسي لأول مرة في حياته، وقد كانت هذه المهمة صعبة في ظل وجود ضبط وإحضار وتتبُّع لِي من أجل اعتقالي، ولم يكن من السهل إطلاقًا الدخول على الإنترنت في ظل تتبُّع أمن الدولة ومحاولاتهم لإغلاق جروب الفيسبوك الراعي لإضراب ٦ أبريل .

وبدأت اتصالات وسطاء وشخصيات سياسية تفاجأت بعلاقتهم الوثيقة بجهاز أمن الدولة وكان هناك عرضان: الأول: هو إغلاق جروب ٦ أبريل على الفيسبوك، ثم أسلِّم نفسي أو أن أسلِّم نفسي من أجل إغلاق جروب الفيسبوك، مع وعود بإمكانية الإفراج السريع بعد ذلك عنى وعن المعتقلين .

وبالطبع رفضت تلك العروض وأغلقت هاتفي المحمول لتفادي التتبع، فقد كان مشروع إنشاء حركة ٦ أبريل قد بدأ ومن المستحيل أن أسمح لهم بإغلاق الجروب وتشتيت تجمُّع هذا الشباب الذي صنع الحلم.. حلم حركه شبابية تقود نحو الثورة.

وللحديث بقية..

تدوينة (الكرنك 2008) ما ترتب على تجاهل المكالمة
http://ghosty1313.blogspot.com/2008/05/2008.html

يا محظورين!

حظرونا.. !! ايه الجديد؟ يعني قبل الثورة ماكناش محظورين؟ هو بس لإن النظام الحالي أكثر غباء من مبارك فحظرنا رسمي.. ايه الجديد؟ إيه عندنا نخاف عليه؟

وحتى بدون حكم المحكمة كان فيه حظر برضه علينا وعلى كل اللي بيعترض، مافرقتش كتير انهم عملوا حظر رسمي زيادة على الحظر الواقعي.

ولايهمكم .. بالعكس ده مفيد .. هايوضح للناس اكتر حقيقة النظام الحاكم دلوقتي وبعد كده، هايوضح اكتر قواعد اللعبة .. وهي اسمع الكلام أو ألعب في الحدود اللي رسماها السلطة أو هتلاقي تشويه وحظر وحبس وقضايا كل يوم، هو بصراحة الناس فاهمة بس فيه ناس كتير بتستعبط.

-شباب 6 ابريل .. أجدع شباب في مصر .. دلوقتي بقينا محظورين .. وايه المشكلة .. وايه الجديد.

احنا عارفين من زمان ان أي نظام مستبد أو معووج لازم يعادينا .. ده قدرنا ولازم نتقبله

نظام مبارك حبسنا وشوهنا ثم المجلس العسكري ثم مرسي ثم السيسي .. ايه الجديد.

الأهم أننا لا نيأس رغم كل اللي بيحصل ، ولازم نكون عارفين ان الطريق طويييل والمهمة صعبة، وطبيعي ان طيور الظلام ودعاة الفساد والتخلف يحاربونا ويشوهونا ويحظرونا.

اللي بنطالب بيه معناه فنائهم وإختفائهم .. احنا بنطالب بالعدالة والشفافية فإزاي يقدروا يعيشوا ويحكموا من غير ظلم وسرقة ونهب وصفقات مشبوهة وإحتكار ومميزات خاصة بيهم.

احنا بنطالب بكرامة انسانية وحقوق انسان .. فإزاي يقدروا يحكموننا من غير ظلم للناس ومن غير انتهاكات لحقوق الانسان ومن غير افترا على خلق الله.

احنا بنطالب بالحريات لكن ازاي يقدروا يحكمونا من غير إستبداد وقمع وتكميم للأفواه ورقابة على كل شئ .. طبيعي نكون مزعجين لدولة العسكر ودولة الفساد والاستبداد.

لا تيأسوا يا أبريليين .. لسه المشوار طويل .. الأهم أننا لا نحيد عن مبادئنا . وده مزعج ليهم أكتر .. وأكيد انتو شايفين الناس اللي باعتنا ودلوقتي بتبرر الظلم والفساد والانتهاكات .. وإحنا مش زيهم.

شباب 6 ابريل لن يتخلوا عن مبادئهم رغم الحبس والتشويه والحظر، مش هنوافق على دولة الظلم، ولا هانبرر إنتهاكات زي ما عمل ناس كتير، ولا هانرضى بحكم عسكري يرجعنا لورا عشرات السنين، وزي ما وقفنا ضد الظلم والفشل أيام مبارك ومرسي هانقف برضه ضد الظلم في عهد السيسي ودولة العسكر.

 

لا السجن ولا التشويه ولا تلفيق القضايا ولاالحظر هايخلونا نتخلى عن افكارنا ومبادئنا او يخلونا نبطل كشف للفساد أو مقاومة الظلم والاستبداد، ولا هايخلونا نبطل ننصر المظلوم ولا هايخلونا نبطل نقول الحق بحرية.

 

إنك تبقى حر هو إنك تقدر تقول رأيك بحرية رغم التهديدات والحظر .. ده الحر الحقيقي لكن لو هتخاف تقول رأيك تبقى مش حر .. تقدر تكون انت حر رغم انك في جو ضد الحرية .. الإبريلي الحر طول عمره بيقول رأيه وبيدافع عن الحرية والحقوق والديمقراطية بدون حساب وبدون خوف ولا غهتمام بالتهديدات والعقوبات.

والعقوبة جزء من النشاط المقاوم، والعقوبة ثمن بسيط في مقابل إنقاذ مصر من الفساد والإستبداد والظلم.

 

صحيح التشويه ضدنا بيتم بشكل غير مسبوق وأكثر كثافة وكذباً ووقاحة وفجاجة من أيام مبارك والمجلس العسكري ومرسي .. لكن فيه ناس بدأتت تفوق وتفهم اللعبة وتدرك الخدعة اللي حصلت.

صحيح إن الناس اللي بتفوق وتعرف الحقيقة مش كتير بسبب سلاح الإعلام، ولكن فيه ناس بتفوق كل يوم، صحيح المعدل بطئ ولكن صبراً.

في يوم من الايام أكيد الناس هاتعرف إن كل اللي بيتقال علينا كذب، وإن الحملة الشرسة علينا بسبب اننا رفضنا مخالفة مبادئنا واننا رفضنا السير في التيار ورفضنا التغريد في السرب.

 

وفيه ايجابيات برضه .. فيه ناس كتير ظلمونا وساهموا في تشويهنا لكن دلوقتي اعتذروا عن انجرافهم سابقاً في مخطط تشويهنا، صحيح برضه ان فيه ناس غرورهم بيمنعهم من الإعتذار عن تشويه الماضي لكن معلش .. الأهم إن كل يوم معسكر الثورة بيكبر

معسكر الثورة الحقيقة اللي بتنادي بحرية حقيقية و عدالةحقيقية و كرامة حقيقية.

 

لا تيأسوا وأوعوا تزعلوا من الحملات المنظمة للتشويه والكذب والظلم والقصص الملفقة حتى لو بكره اتأخر .. فبكره الناس تفوق .. ومعسكر الحق يكبر .. والثورة تنتصر، حتى لو مش في جيلنا .. الأهم هو الثبات على المبدأ .. والتمسك بالقيم

الاهم انك تبقى حر

 

أحمد ماهر

ليمان طره

السجن تهذيب وإصلاح

من أكثر العبارات المستفزة في التاريخ هي تلك العبارة التي يقولها أصدقائك للتخفيف عنك “أنتوا في السجن الصغير وإحنا في السجن الكبير” أو “بكرة تخرجوا من السجن الصغير للكبير”.

ربما يستخدمها قائلها للتخفيف عن المعتقل والإيحاء بأن من هو غير محبوس يعاني أيضاً من غياب الحرية في السجن الكبير “مصر يعني”.

“وآدي مفهومهم للتغيير .. سجن صغير يبقى كبير” هتاف كنت بهتفه في 2005 ولكن أقسمت ألا أهتفه أو أكرره وراء أي شخص بعد حبسة 2006 التي تعدت الشهرين.

فرق شاسع ولا وجه للمقارنة بين السجن الصغير والسجن الكبير، لا إنكار أن السجن الكبير “اللي هو مقصود به مصر يعني” يعاني من القمع والاعتقال العشوائي والقتل على أساس الهوية، ويعاني من تكميم الأفواه وكبت الحريات، والديماجوجية والفاشية والحكم السلطوي المستبد، وإغلاق الصحف والرقابة على الإعلام.. وهناك ماهو أكثر من ذلك ولكن المساحة لا تكفي لسرد وقائع القمع في السجن الكبير.

ولكن في السجن الكبير هناك مميزات كثيرة لا توجد في السجن الصغير “زي طره، أبو زعبل، وادي النطرون…”

في السجن الكبير “مصر” صحيح سهل تدخل السجن الصغير لمجرد رأي أو مقالة لكن في مميزات كتير .. في السجن الكبير “مصر” تقدر تشوف أولادك وتكون جنبهم وتلعب معاهم، بلاش دي .. ممكن تتفرج على التليفزيون، بلاش التليفزيون .. ممكن تصحى وقت ما تحب وتنام وقت ما تحب، ممكن تتمشى وقت ماتحب بدل ما تلاقي ركبك وجعاك ومفاصلك بتطقطق لوحدها من قلة المشي والحركة عموماً.

في السجن الكبير تستطيع أن تجري، تتحرك، تسافر .. تاكل اللي تحبه وتاكله براحتك .. تعرف الأخبار وقت حدوثها، تدخل السينما وتسمع الأغاني اللي عايز تسمعها.

تقدر تكون مع والدتك وهي مريضة وتطمئن عليها وتوديها للدكتور لما تتعب.

السجن سجن، تشبيه البلد بالسجن الكبير للتخفيف على من هو محبوس .. تشبيه في غير محله، لا وجه للمقارنة إطلاقاً .. مهما حول العسكر مصر لسجن كبير.

لا اعرف لماذا تم إلغاء عقوبة النفي للسياسيين، النفي برضه أرحم بكتير، نفي لعام أو حسب فترة العقوبة.. كانت موجودة في مصر حتى فترة قريبة، صحيح النفي أيضاً صعب لأنك تكون بعيداً عن بلدك ولا تستطيع التواجد في أهم الأحداث التي تمر بها ولكنك على الأقل لديك بعض الحرية في المنفى، تستطيع أن تتحرك وقت ما تشاء، تجري، تحرك رجلك، تحرك دراعك، تاكل وقت ما تحب، تشوف ناس جديدة.

درسنا وسمعنا عن شخصيات كتير تم نفيهم خارج البلاد في عصور كثيره سواء نفي إجباري أو اختياري.. عرابي، النديم، البارودي وسعد زغلول… كثيرون تم نفيهم بسبب الثورة أو بسبب اعتراضهم وإزعاجهم للوالي أو الخديو أو مساهمتهم في نشاط معارض للسلطة أو كتاباتهم وآرائهم، نفوهم كعقوبة بدلاً من السجن .. كعقوبة لأن الإبعاد الإجباري عن مصر عقوبة.

ولكن هل تعلم أن عرابي الذي تحدى الخديو وقال “لن نستعبد بعد اليوم، ولقد خلقنا الله أحراراً” هل تعلم أنه تم معاملته عند عودته من المنفى كخائن وعميل.

بغض النظر عن إنه تم خيانته من بعض رفاقه المصريين أثناء المعركة، وهناك من انحاز للسلطة بحثاً عن الأمان أو المكسب أو الوظيفة “وسط المعركة” فهُزم عرابي ورفاقه، وتمت محاكمتهم ونزع رتبهم العسكرية ومصادرة ممتلكاتهم ونفيهم لسريلانكا عقابا لهم على تحديهم الخديو، بعد نفي عرابي ورفاقه تم تعطيل الدستور وتعطيل الحياة السياسية في مصر لسنوات طويلة.

الجدير بالذكر أن عرابي عندما عاد لمصر بعد سنوات طويلة في المنفى ليقضي آخر أيام حياته في مصر وجد أن المصريين يعاملونه بشكل مهين كخائن وعميل وسبب الاحتلال، وكان الجميع يتحاشى السلام عليه أو حتى رد السلام، قالوا عن عرابي .. “إيه اللي وداه هناك وإيه اللي خلاه يتحدى الخديو، ما احنا كنا عايشين وكويسين وفي استقرار، كان لازم عرابي يعمل ثورة وفي الآخر يحصل احتلال، احنا مالنا ومال السياسة، عرابي هو سبب خراب مصر، عرابي سبب الاحتلال، ما احنا كنا عايشين في أمان بناكل ونشرب وننام” … رغم أن عرابي تم معاملته كبطل في المنفى .. فهو الرجل الوطني الذي تحدى الظلم.

ظل عرابي يتم توصيفه كخائن وأحمق لسنوات طويلة في الكتابات والصحف المصرية لسنوات طويلة حتى بعد وفاته، وكانت السلطة الحاكمة في مصر تتعمد تشويهه إن ذكر اسمه بل وكان ذكر اسمه يعتبر من المحظورات.

والجدير بالذكر أيضاً ان الثوار الذي تم نفيهم لسريلانكا اختلفوا أيضاً مع بعضهم البعض في منفاهم بعد فترة، رغم أن أهل سريلانكا عاملوهم كأبطال أسطوريين لمواقفهم الوطنية وانحيازهم لأبناء وطنهم وتحديهم للسلطة الظالمة والاحتلال الإنجليزي .. إلا أن افة التخوين أصابت الثورا في المنفى واختلفوا اختلافاً شديداً عندما قيموا ما حدث ولم يستطيعوا تحمل فكرة تحمل اللوم أو النقد أو الاعتراف بالأخطاء التنظيمية… أصل احنا مصريين.

أحمد ماهر

ليمان طره

الصندوق الكحلي – الجزء الأول

  1. منذ البداية لم أكن مستريح لمقابلتهم وكنت قلقا منهم، لم يكن القلق يساورنى وحدى، بل كان مسيطرا على معظم الرفاق فى ائتلاف شباب الثورة.. قاموا بالاتصال بنا بعد يومين من تنحى مبارك عن السلطة وتكليف المجلس العسكري بحكم البلاد، احتفلنا مع من احتفل ولكن كان هناك أيضا الكثير من القلق.. ماذا سيفعلون بعد ذلك، وما هذه الهتافات الهستيرية «الجيش والشعب إيد واحدة»، هناك شيء مريب، ولماذا بدأ الإخوان فى إزالة الخيم فجأة وبدون تنسيق معنا، ولماذا قرروا إخلاء الميدان فجأة بدون أن نفهم ما حدث، ولماذا نجد كل النخب والشخصيات السياسية ورؤساء الأحزاب ينصحوننا بإخلاء الميدان قبل أن نفهم ماذا سيفعل المجلس العسكرى، ومن هم وما هى خطتهم وما هى نواياهم أو أفكارهم.

    قاموا بالاتصال بالأسماء الرئيسية والمعروفة، وممثلين عن المجموعات الرئيسية أو الأفراد الرئيسية التى كان لها دور فى إطلاق الشرارة، ثم بعد ذلك توالت المقابلات مع باقى المجموعات، لم يمنع اتصالهم القلق فتنحى مبارك وتفويض المجلس تم بشكل مسرحى، وبالتأكيد لم ننس سماح الشرطة العسكرية للمهاجمين بدخول الميدان بالجمال والخيول يوم ٢ فبراير فى اليوم الشهير بموقعة الجمل، كنا نعلم منذ البداية أنهم اعترفوا بالثورة على مضض، فالثورة بالنسبة لهم هى فوضى غير مرغوب فيها، كلام غريب عن شيء اسمة الديمقراطية وحقوق الإنسان وخزعبلات يتحدث عنها المدنيون لا يفهمها ولا يقتنع بها العسكريون، ولكن الثورة مفيدة لهم لأنها أطاحت بجمال مبارك ومشروع التوريث، مشكلتهم لم تكن الفساد ولا الاستبداد ولا النهب ولا العشوائية فى اتخاذ القرار فى عهد مبارك، بل كانت مشكلتهم كيف سيقومون بتأدية التحية العسكرية لرئيس مدنى.
     

  2. أول مقابلة مع السيسى ومحمود حجازى -مسئول المخابرات الحربية ومسئول التنظيم والإدارة- قابلونا بترحاب ومديح مبالغ فيه، قالوا كلاما رائعا مثل أنتم أبطال مصر.. أنتم عملتم أكبر معجزة لمصر أنتم أشرف شباب فى البلد، أنتم فخر لكل المصريين، “انتوا يا شباب خلصتونا من أكبر كابوس، انتوا عملتوا اللى مانقدرش نعملة كعسكريين، انتوا حررتوا مصر”.

    زادنا الترحيب المبالغ فيه قلقا، وبعد المقابلة كان أغلبنا يشعر بالقلق ولكن هناك من كان متفائلا.. قمت بتذكرة البعض بأن الذى كنا نجلس معه هو مدير المخابرات الحربية.. عبد الفتاح السيسى، وصحيح أنه قال كلام فى غاية الروعة والعذوبية وخلانا نتنفخ فى نفسنا واستقبلنا استقبال الأبطال وقال كلام زى الفل عنا وعن الثورة، ولكن لا تنسوا أن الذين تم اعتقالهم بعد مقابلة البرادعى تم اقتيادهم «متغميين» للمخابرات الحربية للتحقيق معهم، ولا تنسوا أن الصحفيين والمحامين والشباب الذين تم اعتقالهم من المركز المصرى ومركز هشام مبارك ظلوا جالسين «متغميين» و«متكلبشين» فى المخابرات الحربية، وأن ضباط المخابرات الحربية الذين حققوا معهم كان كل همهم هو إخلاء ميدان التحرير.. كان هذا يوم موقعة الجمل.. السيسى ده كلامه معسول وحلو قوى بس شكله بيشتغلنا على فكرة، إحنا ماخرجناش من المقابلة بأى حاجة على فكرة، هكذا قال أحد الرفاق.. السيسى ده حوارجى على فكرة، هكذا رد أحد الزملاء.. طالبنا بإصلاحات واضحة وإجراءات واضحة لكن السيسي أجاب على أشياء أخرى ليس لها علاقة بما طرحناه.
     

  3.  بعد توالى المقابلات بدون أى نتيجة مع المجلس العسكرى رغم أن كل مرة كنا نذهب بخطة إصلاحات واضحة ومتفق عليها حول كل المجالات، ملف الإصلاح الاقتصادي، التشريعات الهامة للفترة الانتقالية والمحاسبة والمحاكمات والعدالة الانتقالية، الشهداء والمصابين، إصلاح الداخلية، الدستور، والانتخابات الرئاسية… قدمنا لهم الكثير من الأفكار المدروسة والعديد من الأفكار مع كيفية تحقيقها، ولكن الرد هو كلام جميل ولطيف ولكن هناك تجاهل تام، وكأننا لم نتحدث من الأساس.. استمر كل فاسد في مكانه واستمر كل شيء كما كان قبل ٢٥ يناير، تحججوا بالقوانين واللوائح وطول إجراءات التقاضي، رفضوا الإصلاح والتطهير بحجة عدم إغضاب المسئولين الفاسدين، قدمنا لهم خارطة طريق وإصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية ولكن كانت اجتماعاتنا معهم مضيعة للوقت.. كان واضحا أن هدفهم هو الحفاظ على نظام مبارك كما هو، ومع اعتراضنا أكثر على أسلوب إدارتهم تقاربوا أكثر مع الإخوان.. ثم اخترعوا ائتلافات وحركات ثورية مؤيدة لهم غير مزعجة مثلنا.. ماطلوا وماطلوا وتحججوا بالقانون والإجراءات والروتين ثم تحججوا بعد ذلك بائتلافاتهم البديلة المطيعة.. لم تحدث أى خطوات بسيطة إلا بعد ضغوط رهيبة.

    وفى ٨ يوليو ٢٠١١ بدأ اعتصام التحرير للمطالبة بما طالبنا به من قبل، التطهير من الفساد، إصلاح المؤسسات، حقوق الشهداء والمصابين، العدالة الانتقالية، إقالة رموز نظام مبارك، المحاكمات.. ولكن فجأة صدر البيان ٦٩ من المجلس العسكرى بيان رسمى غريب صدر فى ٢٣ يوليو يتهم حركة ٦ إبريل بالعمالة والخيانة والتخريب، ثم ظهر الروينى فى الإعلام ليكيل الاتهامات.
     

  4.   ما هذا الهراء الذى يحدث؟ ما تلك العصابة التى تحكمنا؟ هل فعلا يصدقون أننا عملاء وأخذنا تمويلا خارجيا؟ إن كانوا فعلا يقتنعون بذلك فهم مجموعة من الحمقى.. عن أى تمويل يتحدثون وهم من سلطاتهم مراجعة حساباتنا ومعاملاتنا المالية، هل يكونون أفكارهم ويصيغون بياناتهم الرسمية بناء على وشاية أو مكيدة أو إشاعات خصوم سياسيين؟ أى حمقى يحكموننا هل يكذبون وهم يعلمون أنهم يكذبون؟ أى عصابة تحكمنا؟.. ما الذى يحدث؟ ومن صاغ هذا البيان المنحط، ومن هذا الروينى الذى يحرض ضدنا فى وسائل الإعلام.. قدمنا بلاغات ضد الروينى والمجلس العسكرى وطالبنا بالتحقيق معنا فيما يقال ولكن التحريض الإعلامي مستمر.
     
  5.  لم أكن يوما من هواة التواصل مع الأجهزة، وكان عدائى الصريح لجهاز الفاسدين والمجرمين الذى كان يطلق عليه جهاز أمن الدولة هو السبب فى اعتقالات كثيرة وتعذيب وقع لى قبل ثورة ٢٥ يناير، أمن الدولة هم مجموعة من الضباط الفاسدين المجرمين الذين يتحكمون فى كل شيء فى البلد ويحاصرون المجال السياسى ويقمعون المعارضة من أجل حماية نظام مبارك ورجال الأعمال الفاسدين، كانوا يكرهوننى قبل الثورة بسب رفضى للتواصل معهم ولايزالون يكرهوننى ولهم بالطبع دور كبير فى الشائعات، أما باقى الأجهزة -وهى كان يطلق عليه الأجهزة السيادية وهى المخابرات العامة والحربية- فكانت غامضة بالنسبة لى وكل ما أعرفه أن علاقتهم بالسياسة بسيطة لا يتدخلون كما يفعل أمن الدولة.

    وبالطبع كان هناك سياسيون ورؤساء أحزاب حريصون على الود مع أمن الدولة ولا يرون مشكلة فى ذلك، وكان هناك أيضا صحفيون مشهورون حريصون على علاقة بالجهات السيادية كنوع من أنواع الحماية و«الضهر» حيث كنا نسمع قبل الثورة عن صراعات لهذه الأجهزة، وكان هناك قصص كثيرة عن أن الصحفى الشهير فلان تابع للمخابرات العامة، والصحفي الشهير فلان تبع الحربية وكان أحقرهم بالطبع من يصنف على أنه أمن دولة.

    وبعد الثورة وبعد اقتحام مقرات أمن الدولة أصبحت المخابرات الحربية هى المشرفة على أنشطة وملفات أمن الدولة وكذلك لها السلطة على المخابرات العامة. ورغم أنى حضرت اجتماعات مع المجلس العسكرى مع معظم أعضاء المجلس عندما كانوا يقابلون القوى السياسية والشبابية ورغم أن السيسي مدير المخابرات الحربية كان يحضر معظم الاجتماعات إلا أننى لم أتعامل مع المخابرات العامة من قبل وتعتبر جهة غامضة بالنسبة لى، وحتى اجتماعات مراد موافى مع بعض رموز القوى المدنية وبعض ممثلى القوى السياسية لم أهتم بحضورها ولكن بعد بيان٦٩ والحرب الإعلامية ضدنا كان لابد أن أفهم ما يحدث.

    وقام بعض الأصدقاء القدامى بترتيب اجتماع مع اللواء مراد موافى وحضره كذلك اللواء رأفت شحاتة، وسألته: هل أنا خاين وعميل وباخد تمويل؟ وهل فى أى سفرية لى قمت بشيء يضر بأمن مصر كما يقولون؟ فقالى لى: مين اللى قال كده؟ فرددت أنه يقال إن المخابرات العامة هى المسئولة عن الحرب الإعلامية ضدى وضد ٦ إبريل.. ضحك وقال: بالطبع لا.. إحنا مش بنعمل إشاعات وأنا عارف كل تفاصيل سفرياتك والمحاضرات اللى بتقولها فى الجامعات والمؤتمرات اللى بتحضرها، وتقريبا حد هو اللى عايز يعملك قضية، لكن لما المجلس العسكري طلب معلومات عنك اديتلوهم كل المعلومات وقلت إن أحمد ماهر آه بيسافر لكن مفيش تمويل ولا شبهات كما يقال، والمخابرات العامة ليست جهة حكم وليست سلطة، إحنا جهة معلومات فقط، هو فيه بس مهندس اتصالات كان مرشح يكون وزير اتصالات ولما طلبوا معلومات عنه قلت لهم إنه فى إحدى السنوات قعد فى اجتماع مع شركة اتصالات إسرائيلية، والمهندس ده عمال يشتمنا كل يوم فى كل القنوات، وأنا مش سبب عدم توليه الوزارة أنا جهة معلومات ولست صاحب قرار.. «ملحوظة: المهندس المقصود هو الآن مسئول الشباب فى حملة المرشح الرئاسى». ثم انتهى الاجتماع سريعا لأنه كان قبل اجتماع إطلاق سراح جلعاد شاليط.

    وقبل الانصراف قلت: إن الكلام مطمئن لأن لو فعلا أكبر جهاز أمنى معلوماتى فى مصر لو مقتنع فعلا أننا خونة وعملاء وبناخد تمويل تبقى مصيبة لأنهم ساعتها يبقوا بيبنوا معلومات على إشاعات ومكائد سياسية وليس وقائع.
     

  6. كانت العلاقة متوترة مع المجلس العسكري بعد شهور من رحيل مبارك، وتقريبا كانت الاتصالات مقطوعة بعد بيان٦٩ ولكن كان لابد أن أفهم أسباب حملة التشويه بهذا المنظر غير المسبوق، فقام بعض الأصدقاء القدامى بترتيب اجتماع مع اللواء عبدالفتاح السيسي مسئول المخابرات الحربية وعضو المجلس العسكرى وحضر الاجتماع أيضا اللواء العصار مسئول التسليح.. وسألته نفس السؤال: هل أنا خاين وعميل وباخد تمويل؟ ظل السيسي يتحدث عن البلد والأخطار والثورة والدنيا والناس وفى الآخر قال إن بيان٦٩ بيان كان خطأ وناتج عن مكائد، وأن المجلس العسكرى يحترم ٦ إبريل وكل شباب الثورة الأبطال ولكن ما حدث قد يكون تسرعا وتصرفا فرديا ولا يعبر عن كل المجلس العسكري وأن «معظم» أعضاء المجلس يحترم ٦ إبريل والثورة ولا يصدق تلك الشائعات، فطالبتة بأن يصدر المجلس العسكري اعتذارا رسميا كما كان الاتهام فى بيان رسمى وكما كان التشويه بشكل رسمى فأجابني أنه من الصعب أن يعتذر أعضاء المجلس العسكري.. بس إحنا بنحبكم.

    وتطرق الحديث بالطبع لدكتور الاتصالات الذى تم رفضه كوزير للاتصالات فقال إن التقرير الأمني للمخابرات قال إنه قابل إسرائيليين في إحدى السنوات وبالتالى فيه مشكلة، والمجلس رفض. «ملحوظة.. الشخص المقصود هو المهندس حازم عبد العظيم مسئول لجنة الشباب فى الحملة الآن».
     

  7.  بالطبع خرجت من الاجتماع مع المجلس العسكري بدون أي حاجة مفيدة كالعادة، ولكن السؤال هو: كيف تكون الجهات الأمنية فى مصر تعتمد على الشائعات والمكائد السياسية ومقالب الخصوم كمصدر للمعلومات؟ وكيف لا يصححون أخطاءهم؟ ولماذا يتورطون فى حملات تشويه غير أخلاقية؟ وكيف يستحلون تشويه وتدمير حياة من يختلف سياسيا مع النظام الحاكم؟ وأين الأخلاقيات فى أن تقوم المخابرات الحربية بتسجيل الحياة الشخصية ثم تسريبها لعبدالرحيم على، وعمل قص ولزق بهدف الإساءة للمعارضين ولشباب الثورة؟ ولماذا تتدخل الأجهزة الأمنية في السياسة ولماذا تشترك فى عراك سياسي وتشويه؟ وكيف يمكن أن نطمئن لمن يعتمد فى مصادره على قصص ساذجة ومفبركة وخيال مريض؟ كيف نطمئن لمن كان مسئولا عن التنصت على حياة المعارضين أن يكون رئيس جمهورية؟ ولماذا تهتم الأجهزة بالسياسة ولا تركز فى وظيفتها بحماية مصر من المؤامرات؟ وهل السفر لحضور مؤتمر أو مقابلة صحفى أجنبي أو دبلوماسى يعتبر مؤامراة؟ وإن كانت مؤامرة فلماذا مسموح لأنصار النظام فقط؟

    وإن كنتم تعلمون حياتى وأنى لا أملك أرصدة وأعيش فى شقة ٧٠  مترا بالتقسيط وأن هناك ديونا وتعلمون أنه لم يحدث تمويل أجنبي من الأساس وأن كل ما يقال هو قصص كاذبة، بعضها من خصوم مرضى نفسيين، وبعضها للأسف من اختراعكم.. هل هذا عمل أخلاقى؟

أسئلة للقاضي الـ…

س: سيادة القاضي.. ذكرتم في حيثيات الحكم أنه تم استغلال أعضاء الحركة بإرادتهم الحرة مقابل المال، من دون ولاء للوطن.. فهل تأكدتم من ذلك الاتهام؟
ج: لا
س: هل هناك تمويل أجنبي وَرَد فعلياً إلى الحساب الرسمي للكيان الرسمي؟
ج: لا
س: هل تحققتم من تمويل أجنبي وَرَد فعلياً إلى حساب أي من الأعضاء أو المؤسسين؟
ج: لا
س: ما استنادكم ومصادركم لتلك المعلومات؟
ج: كلام عبد الرحيم علي وبعض الوثائق المنتشرة في الانترنت!
س:هل تحققتم من صحة تلك الوثائق المزعومة ومدى دقتها وأرقام الحسابات الواردة فيها؟
ج: لا
س: ذكرتم في حيثياتكم عبارة “آثار ما يقومون به من إراقة دماء والتعدي على مقار أمن الدولة”، فما هي إراقة الدماء المقصودة؟
ج: لا أعلم
س: هل تقصد إراقة دماء الحركة وإطلاق النار على أعضائها قبل بدء التظاهرات السلمية؟
ج: ربما
س: هل تعلم أن مصر كلها ذهبت إلى مقار أمن الدولة بعد الثورة.. سواء الشباب المسيّس أو غير المسيّس؟
ج: أعلم
س: هل تعلم أن الجميع كان يكره جهاز أمن الدولة بسبب جرائم التعذيب وحماية الفساد والإنتهاكات القذرة في حق كل من يعارض مبارك؟
ج: أعلم
س: هل تعلم أيضاً أن الثوار ومن أقتحم مقار أمن الدولة سلّم تلك الوثائق للجيش؟
ج: أعلم
س: إذن، فإلى ماذا تستند في تلك الاتهامات؟
ج: سمعت
س: سمعت؟!
ج: آه سمعت
س: هل تعلم أن هناك العديد من المواطنين المصريين الذين يعتبرون المعونة تسولاً؟
ج: أعلم
س: هل تعلم أن آلاف المواطنين يعارضون تلك المعونة ويعتبرونها سبباً في عدم إستقلال القرار الوطني؟
ج: أعلم
س: وهل تعلم أن من حق أي أحد الاعتراض على المعونة أو غيرها لأنها تعتبر تسولاً لا يليق، وتضرب الاستقلال الوطني في مقتل؟ وهل تعلم أن الدستور يكفل حرية الرأي؟
ج: أعلم
س: وهل تعلم أن نبيل فهمي، وزير الخارجية، قال إن علاقة مصر بأميركا هي علاقة زواج وليست علاقة عابرة؟
ج: أعلم
س: ألا تعتبر أن هذه المقولة تسيء إلى مصر؟ وألا ترى أن فهمي والنظام الذي يمثله يعتبرون هم العملاء فعلاً، العملاء الذين يخدمون أجندة الغرب مقابل المال والمعونة؟
ج: أعلم
س: ألا تعلم أن صور عادل ودومة بالسلاح، كانت في غزة في 2007 و2008 أي قبل تأسيس الحركة، وأن محمد عادل تم اعتقاله لمدة 8 شهور في أمن الدولة وتم التحقيق معه بسبب تلك الزيارة، وأن أحمد دومة تمت محاكمته محاكمة عسكرية وقضى عاماً ونيف في السجن بسبب اشتراكه في المقاومة الفلسطينية؟
ج: لا أعلم
س: ألا تعلم أن محمد عادل كان في غزة لإرسال مساعدات إنسانية في 2007؟
ج: لا أعلم
س: ألا ترى أن تقديم مساعدات لأهالي غزة أثناء الحرب، كما فعل عادل، أو الانخراط في المقاومة أثناء القصف الاسرائيلي على غزة، كما فعل دومة، هي أفعال بطولية يجب الفخر بها؟
ج: لا تعليق
س: هل تحققت من مدى صحة معلومات وتسجيلات برنامج الصندوق الأسود؟
ج: لا
س: هل تحققت من صحة ما اعتبرته معلومات عموماً؟ أو معلومات تستند إلى أحكام قضائية تؤكدها؟
ج: لا
يعني لم تتحقق من صحة الإدعاءات، ولم تتحقق من صحة الوثائق المقدمة إليك، واعتمدت على تسجيلات غير قانونية واعتمدت على شائعات دارجة، ولو كنت تحققت من التمويل كنت ستجد أنه لم يحدث أي تمويل أجنبي لا للحساب الرسمي ولا لحسابات أشخاص.. إنتَ قاضي لطخ!
استغلتك السلطة لظلم الشباب. بلا ضمير وتفتقر إلى المهنية.

أنتم من يشوّه سمعة مصر وسمعة القضاء المصري.

 

أحمد ماهر

ليمان طرة

اعادة نشر تدوينة (الكرنك )2008

الكرنك 2008 – تدوينة لـ #أحمد_ماهر ..تم نشرها بتاريخ 19 – 5 – 2008 فاتت ذكراها في هدوء وصاحبها في السجن ..اتنست وسط زحمة اخبار حفلة تنصيب #السيسي المسماه بالانتخابات.
التدوينة كانت بعد اختطاف أحمد وتعذيبه في 2008 في أمن الدولة بعد دعوة اضراب 4 مايو 2008 تاني عمل احتجاجي بعد 6 ابريل 2008 صادرة من جروب الاضراب الشهير وقتها .. وتأتي أهميتها انها بتوضح رعب النظام وقتها من تكوين كيان معارض بيجمع شباب واعي ومحاولة احتوائه .. والأهم قرار أحمد بانه يكمل الطريق رغم ما حدث، و تأسست حركة شباب 6 ابريل فيما بعد وكان لها ما لها من دور…

اثار تعذيب أحمد ماهر مايو 2008


نص التدوينة.


استيقظت صباح ذلك اليوم متعبا بعد يومين من العمل الشاق المتواصل .. فقد كاد عملى يضيع بسبب 4 مايو الذى لم يؤتى بثماره

ذهبت الى عملى مبكرا .. فاليوم لابد من اجراء بعض الحسابات الهامه و طباعة لوحات فى غاية الاهميه و تسليمها للمكتب

لا اعرف لماذا لم اكن متفائلا ذلك اليوم .. اتصلت بكثير من الاصدقاء .. و كنت لاول مره منذ اكثر من شهر اذكر مكانى فى التليفون بصراحه

*ايوه يا زميلى .. انا انهارده فى التجمع الخامس .. فى شارع التسعين .. ايوه فى المعرض ..هامشى على الساعه واحده

*ايوه يا بشمهندس طبعت كل اللوحات و الاستشارى مضى عليها ووافق .. جاى دلوقتى على المكتب

كان بعض العمال قد اعدوا طعام الغذاء و لكنى فضلت التحرك لان هذا اليوم كان مليئا بكثير من المواعيد الهامه

ركبت سيارتى المتهالكه و بدات فى التحرك و لمحت فى المرأه اليتيمه سياره بيجو مسرعه تتوقف فجاه امام الموقع الذى اشرف عليه

جاء خاطر فجأه بداخلى انها قد يكون بها بعض ظباط امن الدوله

ههههههه .. طب كويس انى مشيت

تعانى سيارتى من بعض الامراض المستعصيه التى تجعل تحركها بطيئا و تحتاج لأموال كثيره لكى تشفى و تعود سياره مره اخرى .. زقزوقه حبيبتى اكيد هاصلحها فى يوم من الايام ..دى ياما شاليتنى و انقذتنى من اخطار كتير .. ايه يعنى الكبالن مكسره و علبة الدركسيون بتزيق و لا المقص مكسور و ملحوم اى كلام

ايه المشكله ان مافيش استبن و مافيش كوريك وواخده كام خبطه ..اول الشهر هاجيبلك بطاريه جديده يا زقزوقه..انا مسميكى زقزوقه علشان الناس بيزقوكى كتير

ابتسم فى خاطرى الى ان فوجئت بسياره ميكروباص اجره سوهاج تقطع الطريق

ايه ابن الهبله ده ..الشارع فاضى و الدنيا صحرا و مش عارف يسوق .. حبكت يركن قدامى

احاول التحرك .. فأجده مصمم على الغلاسه ..ايه ياد يابن ال**** .. اقطع الشتيمه لاننى لمحت ان كل من فى الميكروباص ينظرون إلى بتحفز واضح .. الشرر يتطاير بوضوح من اعينهم .. اول مره المح الشرر ينطلق من العيون … اجسام ضخمه .. حلاقه زيرو .. نضارات شمس .. يانهار اسود .. انتوا جيتو

اعود بالسياره للخلف سريعا .. لا اعرف لماذا

ثمانية بغال ينزلون دفعه واحده من الميكروباص و يحاولون اللحاق بى .. يشيرون لشخص ما فى الخلف

انظر خلفى فأجد ثلاث سيارات ملاكى يسدون الطريق مره واحده ..ارتطم بواحده .. اتحرك للامام مره اخرى و يبدأ قذف الطوب و الحجاره على السياره .. هى بقى فيها طوب كمان؟؟

سائق الميكروباص الصعيدى الغلبان يسد الطرق و يصدمنى بظهر سيارته .. ليه كده بس ياسطى احنا غلابه زى بعض .. عملتيها يا زقزوقه .. اخص عليكى

افاجىء بأياد كثيره تمتد الى ملابسى و تفتح الباب و تبدأ حفلة اللكمات و السباب.. مباراه

– محدش ليه دعوه .. كله يمشى .. احنا امن دوله .. ياللا من هنا يا ** انت و هو

اجد نفسى فجأه بداخل الميكروباص ..

– مانت وقعت أهوه يا **** فيه حد يهرب من امن الدوله يابن ال***

– احنا هانعرفك احنا مين يابن ال****

– كسروله العربيه … كسروا عضم امه ابن ال*** ده …. مش عايزه يبطل صويت

هكذا هتف كبيرهم .. و الجميع عنده ضمير شديد فى تنفيذ الأوامر … ضرب شديد من جميع الاتجاهات .. و بجميع اطرافهم .. إيد و رجل

آآآآآآآآآآآه هكذا هتفت انا رغم محاولتى للتحمل .. لكن الضرب كان فعلا شديد و متواصل .. و من يتعب منهم الباقى يكمل .. و لكن هل اشترك معهم السائق الصعيدى الغلبان أم اكتفى بقيادة السياره؟؟

قبل الضرب تبرع احدهم بوضع التيشيرت فوق وجهى .. و تبرع اخر بتقطيع الفانله الداخليه لنصفين .. و تبرع ثالث بربط النصف فوق عينى و تبرع اخر بربط يدى خلف ظهرى بالنصف الاخر .. و تبارى الاخرون فى تكتيفى و ضربى … منتهى التعاون فعلا

يتوقف الميكروباص بعد رحله قصيره جدا امام احد المبانى .. احد الشوارع المجاوره .. لابد انه احد فيلات احد الباشوات ..او مقر خفى لامن الدوله

يجرجرونى على السلالم و انا معصب العينين وسط ركلات و صفعات و سب لجميع اهلى .. الكبير و الصغير

يلقون بى على بلاط احدى الغرف .. البلاط بارد رغم حرارة الجو ..يا سلااااام

ياتى احدهم و يستبدل الفانله الداخليه بكلابشات حديديه حول يدى وراء ظهرى و يغلقها على اخرها

*يا ريت تخف الكلابشات شويه …

– إخرس ياد يابن ال***** … انت بتتكلم ليه

– قوم اقف ياد ..انت بقى المناضل؟؟ .. انت بقى اللى هاتعمل اللى محدش عمله؟؟؟ … انت يابنى هتسافر دلوقتى

– ابقى تعالى *** على قبرى لو شوفت الشارع تانى .. يابن ال*****

– حضروا الكهربا .. الواد ده مش متربى و مش عارف ازاى يعامل اسياده

– احنا ياد اسيادكوا و اسياد كل البلد دى .. هنعرفك دلوقتى احنا مين

– مابتردش علينا ليه

يعنى اتكلم و لا اخرس ..؟؟؟؟

– … يا جماعه قولت مش عايزه يبطل صويت .. احنا هانطلع دين امك

آآآآآآآآآآه

فجأه انفتح مره اخرى دش كبير من الضربات و الصفعات و الركلات من جميع الإتجاهات .. انهم بلا شك لا يقلون عن 15 جثه و أحجام اياديهم و ارجلهم مختلفه فى المقاس و القوه

لا اعلم كيف يحفظون هذا الكم الهائل من السباب .. رغم انى كنت اعتقد ان لسانى طويل لكنى سمعت شتائم لم اكن اتخيل انها موجوده … قاموس لغوى عظيم

استمر دش الضرب و السب اكثر من 30 دقيقه .. تبعه بعد ذلك بعض التوابع القليله لبعض راغبى التسليه

– انت بقى اللى عاملى فيها راجل؟؟؟

– قول انا مره

تذكر فلتلتزم بسلاح الصمت

قول انا مره

– قول انا مره

و تنهال الصفعات و الركلات مره اخرى كم كنت اود ان اقول له انت مره و لكننى وجدت نفسى اردد

حسبى الله و نعم الوكيل

– و كمان بتحسبن علينا؟؟؟ دا انت هايطلع دين امك

خلاص سيبه هو لما يركب الزحليقه هايقول كل حاجه

فجأه يختفى الجميع …

تمر الدقائق كالسنين … إلى ان اسمع اصوات كثيره .. نساء و أطفال و شيوخ و رجال … زعيق و خناق و شتيمه

مين دول .. هو انا فين … بس اكيد انا فى القسم

لو سمحت

– عايز ايه

هو انا فى قسم القاهره الجديده؟؟؟

– مش قالولك ماتفتحش بوقك ياض

*خلاص انا عرفت .. طب ممكن تفك الكلابشات شويه .. مش هما مشيو برضه .. انت من القسم ولا تبعهم؟؟؟

*خلاص يا عم مش هاسأل تانى .. بس يا ريت تخف الكلابشات شويه

– حاضر المفتاح تحت و هانزل اجيبه

إنه بالتاكيد احد عساكر القسم .. إنه لا يسبنى كما فعل الاخرون .. و لكن اين هم .. و لماذا اختفوا فجاه؟؟؟

– اخف الكلابشات عن كده كمان؟؟

* لا كده قشطه .. شكرا يا ذوق .. ممكن بقى شوية ميه علشان عطشان و الجو حر

– حاضر .. انت طلباتك كترت قوى ماتتعودش على كده

يأتى لى بزجاجة مياه و يشربنى

جزاك الله كل خير .. طلب اخير بقى

– لأ

طب خلاص

و تمر الدقائق مره اخرى و الذباب يقف على ظهرى و جروحى

لو سمحت

– ايه تانى .. انت مش بتبطل طلبات

* عايز سيجاره

– نعم؟؟؟

سيجاره .. انا كان معايا علبة سجاير فى العربيه .. هات واحده و خدها كلها

– طب و هاتشربها ازاى و انت متكلبش

فكنى او شربهالى

– يا عم سيبك منه انت هاتسمعله كمان .. دا عيل ابن **** انت بتتكلم معاه ليه مش كفايه شرب

* ربنا يسامحك

– انت بتشتغل ايه

مهندس

– مهندس ؟؟؟؟ طب و هما جابوك هنا ليه

* اصلى معترض على زيادة الاسعار و البهدله اللى عايشينها .. تسمع عن الفيس بوك

– لأ

طب ممكن سيجاره؟؟

– طيب لما الظابط ينزل بس

أخيرا وجدت بعض البنى ادمين فى وزارة الداخليه

– هاولعهالك و هاشربهالك فى السريع .. بسرعه قبل ما الظابط يرجع

* قشطه

– خلاص يا عم شربت السيجاره … عايز حاجه تانى … ياريت تتكتم بقى

* حاجه اخيره .. معلش اصل عنيا اصلا تعبانه و اللى رابطها رابط بضمير شويه و عاملالى صداع .. يا ريت تخفها شويه

– طب كمان شويه علشان فيه حد جاى

* انتوا بتتكلموا معاه ليه يا ولاد ال*****

هات ضهرك ياد … ارفعله التيشيرت علشان ادهنله المرهم

مرهم؟؟؟ … كريم ؟؟؟؟ غريبه

ياللا انزل معانا ..حاسب السلمه لف يمين يابنى اتحرك متخشب ليه كده

اركب الميكروباص مره اخرى و معى اتنين عساكر او مندوبين غلابه من القسم يرافقهم ضابط امن الدوله ابو مرهم

اجلس على الكرسى الخفى نائم مختفى عن انظار الماره … و يستمر صديقى الذى لا اعرف اسمه فى امدادى بكام نفس كل ما اطلب منه

اساله … هو الظابط اللى راكب العربيه معنا اسمه ايه؟؟

– و الله ماعرف .. بس هو ابن *****

* طب تعرف اسم اى ظابط من اللى جابونى القسم ؟؟؟؟

– لأ … و اسكت احسن لك

* احنا رايحين لاظوغلى طبعا

– مش عارف

* بس انا عارف

– و عرفت منين و انت متغمى .. انت شايف ولا ايه

* لا يا عم .. من الاتجاهات .. انا مهندس .. دماغى جواها خريطه

– ماشى يا خفيف .. بس انا اخرى معاك على الباب .. هناك مش هاعرف اعملك اى حاجه

تمر على الافكار مجتمعه تاره و متفرقه تاره … ترى هل علم احد الزملاء بذلك .. ترى هل تحرك أحد .. لو تم سجنى ..من سيدفع عنى اقساطى و ديونى الكثيره … و من و كيف و هل … ياللا بقى .. كله بيطلع فى الغسيل

– ياللا علشان نازلين ..وطى علشان الباب

اتذكر تلك رائحة فى هذا المكان …رائحة التعذيب و الموتى… حضرت الى هنا منذ عامين بعد خروجى من سجن طره .. و لكن وقتها كنت ارى كل شىء و لم يغمينى احد

اتذكر شكل تلك البلاطات التى امشى عليها الان .. و تلك العتبه التى تفصل بين العالم العلوى و السفلى

اتذكر رائحة دورات المياه التى فى الممر الذى تحت الارض بجوار زنازين الاسلاميين .. لابد اننا مررنا عليها .. هل سيضعوننى فى تلك الزنزانه الى كنت اسمع من بداخلها يطلبون الرحمه من الله و يصرخون

اتذكر ذلك السلم الحديدى الذى اصعد عليه الان .. رأيته منذ عامين و كنت اجلس امامه منتظر انهاء اجراءات الافراج و كان المعتقلين الاسلاميين و الشباب الملتحين يصعدون عليه على ارجلهم و ينزلون عليه محمولين و فاقدى الوعى … و لكن.. لماذا انا صاعد عليه الان.

. ينتهى السلم و الكعبله.. ثم ادخل فى طرقه ثم مصعد

يرافقنى ثلاث على ما اعتقد .. ضاط امن الدوله و الاثنين الغلابه من القسم

– هاتودوه لمين

– عمرو بيه

– مش عارف هو فين .. اطلع بيه الاداره على طول …هو احزاب ؟؟؟ انت تبع حزب ايه؟؟؟

* كله زى بعضه

– انت ردودك مستفزه على فكره .. خف شويه

– اقف هنا

تمر الدقائق و استمع لحوار العساكر و المخبرين و ضحكهم و كلامهم عن البنات و الحشيش و الدنيا و الحياه

اضحك و اشترك فى الحوار .. و اهو كله يفيد التانى بخبراته

فجأه يصمتون .. و اسمع اقدام ثقيله تقترب … و يصيح بصوت رهيب

– انت بقى اللى عمال تسخن الناس

و تنهال الضربات و الصفعات و اللكمات.. و فجاه يتركنى و يكمل طريقه

– معلش يا أحمد مفيش فى ايدى حاجه اعملهالك هنا

* …………

اسمع الكثير من الاقدام التى تقترب .. شكلها هاتبقى حفله .. استر يا رب

– انت بقى اللى عاملى فيها زعيم و مش هامك امن الدوله …. هاتولى ابن ال**** ده على جوه

كثير من الايادى تسرع لتلبية النداء .. مع بعض المجامالات بكام ضربه على كام شلوت … و لزياده فى المجامله يتم جرى على الارض .. إلى أن أدخل مكتبواسع مكيف به موكيت على الارضيه تنبعث منه رائحة الفخامه .. ده شكله مكتب حد من البشاوات الكبار قوى

– بص يا باشا .. احنا نطلعله أمر إعتقال و نخلص منه

– وليه … هو هايخر بكل حاجه دلوقتى

– يا باشا دا صنف ابن **** .. الاشكال دى لازم تتربى علشان يعرفوا احنا مين … يابنى انت حشره .. ولا حاجه..و اى حد بتتحمى فيه ولا هايعرف يعمل لك حاجه… الاحزاب بنت ال**** و شوية ال**** اللى عاملين مراكز حقوق انسان دول نلمهم فى عربيتين

بالطبع لم ينسى هذا الضابط الطيب ان يدعم أقواله ببعض السباب لجميع الشخصيات السياسيه فردا فردا من جميع التيارات من اقصى اليمين لأقصى اليسار ايمن نور, جميله اسماعيل , امير سالم , اسامه الغزالى حرب , مجدى احمد حسين , محمد عبد القدوس , جورج اسحق … بالاضافه الى اهلى اللى ماعرفوش يربونى

و جلس الباشا الكبير على مكتبه .. و سمعت ازيز الكرسى و جلس حوالى 4 او 5 ضباط اخرين بإختلاف اصواتهم.. بخلاف بعض المخبرين عند الحاجه لأى مساعده

– قوللى بقى يا بتاع الفيس بوك انت … ازاى يجيلك استدعاء من 10 ايام و ماتجيش

* انا مجاليش اى استدعاءات

– رد على الباشا عدل …..

و تبدأ مسابقة الضرب و الركلات

* آآآآآآآآه

– هاسألك السؤال تانى .. ازاى يجيلك استدعاء بك….. و ماتجيش يابن ال****

* دا كان مجرد تليفون اللى جالى … ماكانش استدعاء رسمى ..و كان الكلام عن دردشه مش استجواب

– لأ .. ده اسمه استدعاء … انت بقى ماجيتش لييييه؟

– يا باشا سيبنى عليه شويه دا عيل لبط .. سيبنى اعدلهولك شويه

* ماكنتش شايف أى فايده أو هدف من حضورى هنا

– احنا بس اللى نحدد ايه المفيد و ايه غير المفيد … مش انت

– يا باشا دا عيل مش متربى يا باشا … سيبنى اظبطه شويه … الكهربا جوا جاهزه

– و ليه الكهربا … هاتتكلم عدل ياد ولا نخليك تخر بكل حاجه لوحدك؟؟

و تبدأ مسابقة الضرب و الركلات كأنى كره فى ملعب واسع

* أآآآآآآآآآآآآآآآآه …. آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه …

– ايه بقى باسوورد الجروب

* مش فاكر اصلى كنت كاتبه فى ورقه و ناسيها (صفعه قويه)….. آآآآآآآه

– يا جماعه انتوا إزاى تجيبوهولى مش متظبط … ظبطوه الاول قبل ما يدخلى … هاتوهولى جاهز علشان الوقت و تعب القلب

انقض على الجنود و الضباط الاشاوس المغاوير حماة الوطن .. حماة الامن و الامان فى مسابقه جديده للركل و الصفع و السب … و بدأ البعض فى تقشير ملابسى .. و تطوع احد الضباط المحققين بسحبى على وجهى و صدرى على الارض و خرج بى خارج المكتب ابو موكيت الى الطرقات ام بلاط وسخ .. مسحولا على وجهى يجرنى هو و يساعده أخرون عندما يتعب

اتذكر اننى فى المرحله الابتدائيه كنت اسمع احدى المدرسات تهدد الفصل …. إللى هايتكلم هامسح بيه البلاط …. و كنت اتعجب وقتها .. كيف يكون ذلك … و اخيرا جائنى الجواب بعد عشرين عاما … هذا هو مسح البلاط .. اديك جربت ازاى يتمسح بيك البلاط .. مبسوط؟؟

و لكن ماذا اقول للباشا الذى يتتظر الباسوورد

– افتكرت ياد يا ***** ولا نجيب العصايه … هاتولى اتخن عصايه عندكوا

* افتكرت … اعتقد كان مكتوب كمان فى رساله على الموبايل.. مش فاكر مسحتها ولا لأ

– استنى كده … موجوده .. دى مبعوتالك من رقم اسراء… هى لسه بتدخل؟؟؟

* لا يا باشا مابتدخلش على الجروب

– احنا عارفين من غير ما تقول

يا رب محدش منهم يجرب الباسوورد .. بس الغريبه ان كمان محدش سألنى عن الايميل … شكل الظباط اللى بيفهموا فى النت لسه ماجوش

– مين بقى مشيره؟؟

* مشيره؟؟

– انت هاتستعبط … يا جماعه قولنا ظبطوه

تعود مره اخرى لمباراة الصفع و التنكيل .. لم اكن اعرف من اى اتجاه تاتى الضربات.و اللكمات .. و لكنى متأكد اننى لو كنت حر اليدين و ارى وجوههم ما استطاع احد او جرؤ على ذلك

* آآآآآآآآه … ايوه ايوه عارفها … مالها؟؟؟

– اسمها ايه بالكامل و ساكنه فين؟؟؟

* ماعرفش

– لا تعرف

* هاعرف منين … ماعرفش ….(ضرب) آآآآآآه … ماعرفش ….(ضرب) أأأأأأأأأه

– طب و فاطمه

* هاعرف منين … ماعرفش …. آآآآآآه … ماعرفش …. أأأأأأأأأه

– طب و ايناس

* هاعرف منين … ماعرفش …. آآآآآآه … ماعرفش …. أأأأأأأأأه

– طب و عمر

* هاعرف منين … ماعرفش …. آآآآآآه … ماعرفش …. أأأأأأأأأه… محدش يعرف حد … كله من على النت

– طب و …… طب و …….

– ايه علاقتك بجميله اسماعيل .. و ليه بتبعتلك رسايل

* ماهى بتبعت للناس كلها … كل الاحزاب و القوى ايه المشكله لما تبعت لى

– نجلاء بدير .. احمد محسن .. فهمى هويدى …اسئله .. اسئله .. اسئله

* اجوبه متناثره يتخللها اصوات ضرب و صراخ

يكتفى الباشا بهذه الاسئله و اجوبتى التى تشبه المهلبيه..و يصمت لفتره و انهض لأقف مره اخرى .. و اسمع وقع خطوات تاتى من بعيد تقترب منى .. ثم قجاه اتلقى صفعه على اذنى اليمنى فأرى نورا مبهرا رغم الظلام الدامس .. و فجاه اسمع تصفير غريب .. كأنهم جميعا ابتدئوا فى الصفير .. و لاول مره فى حياتى اتأكد من صحة ما كنت اراه فى كارتون توم و جيرى من عصافير و نجوم تدور حول من يتم ضربه على رأسه …. لقد رأيت تلك العصافير الصغيره و النجوم بالفعل.. … هل زار مخرجوا تلك الافلام مبنى امن الدوله فى مصر من قبل؟؟؟

– خلاص خدوه .. و إحمد ” ربنا” انك وقعت فى ايد حد حنين .. ممكن بعد كده تقع فى ايد حد ما بيرحمش

ما هذا .. لقد نطق الباشا كلمة ” ربنا” … هل يقصد ” ربنا”؟؟ هل ” ربنا” هو ” ربه” ام يقصد “رب” اخر

و لكن على اية حال واضح من كلامه انه له “رب” و قد كنت اعتقد ان هؤلاء البشاوات يعتقدون انهم هم الالهه .. لابد انهم مقتنعون انهم ارباب متفرقون يجمعهم ” رب” كبير فى وزارة الداخليه او فى رئاسة الجمهوريه

و لكن ربنا نحن يأمرنا بالرحمه و سوف يحاسبنا على ما نفعله .. بالتاكيد لم يأمرهم ربهم بذلك و بالتاكيد هم مقتنعون انه لن يحاسبهم

يا ربى حمدا لك انى اعبدك انت وحدك .. لا شريك لك .. و لا اعبد رب هذا الباشا و من معه . فانت الرحيم . و انت المنتقم

يقتادنى العساكر و الامناء للادوار السفليه … انزل على نفس السلم الحديد لا تقوى رجلى على حملى.. اتذكر شكل ذلك الشاب الملتحى من سنتين

يتم استبدال الكلابشات باخرى قديمه مؤلمه و يتم ربطى فى باب حديد .. تمر الدقائق و ادخل فى النوم

– انت يا ابنى ياللى نايم و انت متكلبش .. انت ازاى نايم كده؟؟ .. انت تبع ايه؟ … شكلك كده عيل روش و جاى غلط

* فيس بوك

– مين؟؟؟

* مش مهم … ممكن بس تفك الكلابش من الباب او تربطنى عدل علشان عايز انام شويه

تمر الساعات و انا نائم بالكلابشات و الغمامه على عينى و ملقى على الارض

اتذكر محمد الشرقاوى منذ سنتين .عندما كان يتعجب قائلايابنى انت ازاى بتعرف تنام كده فى اى حته و اى زنزانه و اى وقت

– مش انت اللى الظابط كلمك فى التليفون من عشرتيام

* اه

– طب هو اجازه انهارده …. انا كلمته و جاى دلوقتى و اكيد مش هيوافق على اللى حصل

* يا رااااااجل ههههههههههه

– بتضحك على ايه … انا غلطان … خليك كده مرمى لحد ما يبان لك صاحب

اصعد معه بعد قليل للضابط الذى يقولون انه قطع اجازته لإنقاذى … يؤنبنى بسبب دماغى الناشفه ثم يصطحبنى للمدير و تبدأ النصائح الابويه الحنونه

– احنا مش ضدكوا .و لا سفاحين زى ما جرايد المعارضه ما بتصورلكوا … و البلد قطعت شوط كبير فى طريق الديمقراطيه … بس الشعب المصرى هو اللى مش مهيأ للديمقراطيه

* امال ايه اللى حصلى انهارده … يعنى كل الضرب ده و كان مثلا بيتهيألى؟؟

– معلش .. اعتبرنا زى والدك

* *********

– احنا و الله مش بننجح الفاسدين فى مجلس الشعب ولا بنساعد الحزب الوطنى .. بس هى البلد كده .. و احنا برضه بنكشف قضايا فساد كتير

* *********

– فكر فى حزب او جمعيه اهليه او مركز دراسات … لكن الفيس بوك لأ لأ لأ

بالطبع لم يكن النقاش مثمر او مفيد و لا اعرف ما الذى دفعنى للنقاش معهم … استعنت بسلاح الصمت مره اخرى و جلست استمع مع هز رأسى بين كل فتره و اخرى كدليل على الاقتناع التام .. رغم ان رقبتى كانت قد تسمرت على اتجاه واحد و رفضت اى حركه يمينا او يسارا

تزداد الالام فى جسمى بمرور الوقت … تزحف ببطء و ثقه تامه من الوصول لجميع انحاء جسدى .. يدى اليمنى لا استطيع تحريكها .. اذنى اليمنى ايضا و ياللصدفه لا استطيع ان اسمع بها .. أحس و ياللغرابه ان هناك من ضربنى ضربا مبرحا منذ قليل

– حاجاتك كامله؟؟؟

  •  لا فيه كاميرا فيديو ديجيتال ناقصه .. دى غاليه و كمان جايبها بالقسط .. لسه مشتريها من شهرين .. كان مقدمها 500 و قسطها 150 فى الشهر

– هاندور عليها … سلام يا احمد و فكر كويس

 

التدوينة الأصلية

للأسف كنت أعلم ..

(1)
لم أستوعب الرسالة جيدا رغم أنها تكررت مرتين، الأولى كانت تقريبا فى أكتوبر 2013 عندما فجأه وجدت خبر اعتقالى منتشرا فى مصر والعالم بشكل غريب، كنت فى منزلى وقتها أتناول العشاء وأشاهد التليفزيون عندما فوجئت بمئات الاتصالات من مصر ومن خارج مصر تسألنى عن خبر اعتقالى..

كنت أضحك وقتها على سذاجة الخبر ولكن أيضا تعجبت من مدى سرعة انتشاره بهذا الشكل، وظللت أكذب خبر اعتقالى ولكن للأسف لم أنتبه إلى أنه جس نبض.

المرة الثانية كانت فى نوفمبر 2013 قبل حبسى فعليا بأيام عندما كنت أجلس مع أحد الأصدقاء وفوجئت أيضا بمئات الاتصالات للاطمئنان وأيضا عشرات الصحف والقنوات للاستفسارعن صحة الخبر، يومها سخرت أيضا من هذا الخبر ولكن صديقى نبهنى أن هذه ليست أول مرة، وأن هذا معناه أن هناك جهة ما تجس النبض وتقيس رد الفعل على خبر اعتقالى وهذا معناه أنه سيتم اعتقالى فعلا قريبا.

كان الغرض وقتها قياس رد الفعل تمهيدا لاعتقال قريب، ولكن رغم أن البعض غضب والبعض انزعج ولكن أيضا كان هناك من ينشر على وسائل الإعلام والإنترنت ليقول.. أحسن.. أصله عصر ليمون فى انتخابات الرئاسة، رغم أن هؤلاء الذين انتشرو فجأة ليقولو أحسن كان بعضهم عصر ليمونا فى مجلس الشعب 2011.

(2)
كنت أعلم السيناريو للأسف منذ أكثر من عام، ففى فبراير 2013 تقابلت صدفة مع أحد أمراء الشعب الذى بشرنى بسيناريو افتعال العنف والاشتباكات ثم سيل مزيد من الدماء وأحداث فوضى لكى ينزل الجيش وسألنى.. أنت معانا ولا لأ.. احنا عايزين 6 أبريل هى اللى تقود، فكانت إجابتى.. سيناريو العنف والدم لا يتفق مع مبادئنا وأيدلوجياتنا، كما أن سيناريو عودة العسكر للسلطة هو أمر نرفضه تماما.. ألا تذكر 2011 .

فكان رده: “طيب إذا كنت رافض تكون معانا فعلى الأقل بلاش تنتقد العنف والدم وعودة العسكر للسلطة”.

(3)
فى أبريل 2013 تقابلت صدفة مع أحد الواصلين بكل الأجهزة والجبهات الرسمية، وكان حديثه أشبه بالنصيحة والتحذير: على يوليو اللى جاى (يقصد 2013) لن يكون هناك 6 أبريل ولا أحمد ماهر بالذات، مش كفاية أنكم رافضين مرسى أو بتعارضوا حكم الإخوان، الترتيب اللى جاى أن الجيش هو اللى يمسك السلطة وأنتم رافضين ومش عايزين تشاركوا فى الكلام، والناس متخوفة منكم أنكم هاتقولوا برضه يسقط يسقط حكم العسكر، فالترتيب أنكم تختفوا الفترة الجاية، مش هايكون ليكم صوت ومحدش هايسمعكم ولا هايتعاطف معاكم.. وأنت بالذات.. ابتسمت وكررت على محدثى أن فكرة رفض الدولة العسكرية ليست خيارا، بل هو مبدأ من مبادئ التأسيس ولا يمكن الحيد عنه، فقال لى: عموما انت هاتتشوه الفترة الجاية بشكل مكثف وأكتر من أى حد وهايتم اغتيالك معنويا ومحدش هايسمعك،.. ابتسمت وانصرفت.

(4)
فى الفترة من 3 يوليو وقبل التفويض، وعند بدء اعتراضنا على الإجراءات والانتهاكات واعتراضنا على فكرة التفويض، جاء رجل من أقصى المدينة يسعى، صديق قديم أصبح فى معسكر السلطة وحذرنى: ليس مسموحا بالاعتراض.. احنا فى حرب على الإرهاب.. مفيش حاجة اسمها حقوق إنسان، احنا فى حالة طوارئ دائمة وغير مسموح بالمعارضة، من ليس معنا فهو ضدنا.. وخلى بالك من نفسك يا أحمد علشان خلاص جابو آخرهم منك.. حتى فكرة لا عسكر ولا إخوان مرفوضة.

(5)
جاءتنى مقالة منذ شهور فى السجن للكاتب بلال علاء “الحرية للمعتقل الذى لا نحبه”، وكانت المقالة تتحدث فى بدايتها عن استخدام الأنظمة الشيوعية والقمع بعد وصول الشيوعيين للسلطة، وأن القمع يطول حتى الشيوعيين الذين صمتوا عن صمت الآخرين فى البداية، وأن تجربة بناء أجهزة قمعية لقمع البرجوازيين ستطول مع الوقت بعض الشيوعيين الذين اختلفوا فى واحد من التفاصيل أو حتى الموالين ولكن مشكوك فى درجة ولائهم.

المقالة حول فكرة تحول من يصل للسلطة إلى شخص مشجع لقمع الآخر حتى لو كان مناضلا فى بدايته.. ليس الأمر متوقفا على الأنظمة الشيوعية فقط ولكنها السلطة عموما.

وكيف يتحول المناضلون لمستبدين، وكيف تتحول الأجهزة الأمنية التى تحمى النظام لأجهزة مسعورة مهمتها هى حماية نفسها فقط إلى أن تتضخم لتبتلع كل شيء وتبتلع الدولة.

(6)
لا تتوقع أن تقوم بفض مظاهرة للإسلاميين فى الصباح وأن تلقى الزهور على مظاهرة علمانيين فى المساء. ويتحدث الكاتب أيضا عن الليبراليين العسكريين الذين يتجاهلون قيم الليبرالية كرفض القمع والقتل وحق التظاهر، وتجدهم يؤيدون قمع وقتل وسحل الإسلاميين لأنهم لا يشبهوننا، ثم يبدأ الكلام عن حكم العسكر وعندما يعتقلون من نحبهم.. رغم أن السلطة المتوحشة واحدة.

(7)
أريد أن أستخلص من المقدمة التى كتبتها ومن مقالة الحرية للمعتقل الذى لا نحبه أن كثيرا من النخب الليبرالية والثورية والشبابية وقعوا بالفعل فى الفخ، فالمعتقل الذى ليس معنا أو الذى لا نحبه أو اللى مش مننا كتيار فلا حريه له.. وحلال فيه القمع والتلفيق.. أحسن.. يستاهل.. ذكرنى هذا بتمهيد الأجهزة الأمنية لبعض الأشخاص بشكل ممنهج لكى يقول البعض (أحسن) عندما يسمعون فقاعة اختبار عن اعتقالهم، وقتها يقرر الأمن الاعتقال والقمع.. فهناك من يقول (أحسن).

(8)
حتى تضامن البعض “انتقائى”.. هنتضامن مع فلان فقط علشان تبعنا وكان معانا فى الحملة.. لكن فلان التانى بيقولوا عليه خاين وعميل.. مش هنتضامن معاه.. يتجاهل البعض أن الصمت على اعتقال من لا نحبهم يفتح الطريق للسلطة القمعية للتنكيل بمن نحبهم، ومع الوقت سيعانى الجميع من التشويه والشائعات و”الكلام” الذى يطلق على كل من يختلف مع السلطة ولو فى تفصيلة صغيرة وليس مبدأ، لا عاصم من بطش السلطة مهما كنت منافقا أو صامتا أو “عامل مش واخد بالك”.

وللأسف كنت أعلم من البداية.. كان الجميع يعلم منذ البداية، صحيح أنى فى السجن بسبب أنى رفضت وتحدثت عن بعض ما أعلم .. ولكن الجميع يعلم.

أحمد ماهر
ليمان طره

اكذوبة الإصلاح من الداخل .. الحداية ما بتحدفش كتاكيت

 

(1)

الإصلاح من داخل النظام وإتباع القنوات الشرعية، حجة البليد وكلمة الحق التي يراد بها باطل، كان الحزب الوطني قبل ثورة 25 يناير يطالبوننا بذلك رغم انسداد المسار السياسي وعدم وجود أي فرص أو أي قنوات شرعية، قالوا لنا قبل ثورة 25 يناير .. بطلوا مظاهرات وادخلوا الأحزاب رغم ان الاحزاب التي كانوا يتحدثوا عنها كانت أحزاب كرتونية لا يستطيع أحد فيها أن ينطق أو يهرش بدون موافقة جهاز أمن الدولة، ولنا في الوفد والتجمع والناصري خير مثال.

قالوا لنا انزلوا الانتخابات رغم تزويرها الفج الذي شهده العالم، قالوا لنا احترموا القانون لأننا في دولة قانون وان تغيير القوانين يكون عن طريق البرلمان رغم أن حكومتهم وشرطتهم هي أول من كان يخالف القانون ورغم أن كل عناصر اللعبة كانت في أيديهم من قوانين وإعلام ومختلف أجهزة الدولة.

 

(2)

لا أعول كثيراً على من ينافق العسكر والداخلية ليفوز بالفتات ويكون من رجال المرحلة القادمة وللأسف لا أعول أيضاً على الأصدقاء والرفاق السابقين الذين يروجون اليوم لنظرية الإصلاح من الداخل وضرورة الهدوء حتى يأتي السيسي، ما يفعله الفريقان نتائجه واحده وهو عوده نظام ما قبل 25 يناير وتكريس القمع والفساد والإستبداد، ولكن الأولى بالمخاطبة هم الرفاق السابقون وليس الزومبي ومن تحول للنفاق للحصول على فتات العسكر.

هل تتذكرون العبارة الشهيرة التي كانت مكتوبة على مدخل شارع محمد محمود بجوار نصف وجه مبارك ونصف وجه طنطاوي ونصف وجه مرسي؟؟ “اللي كلف ماماتش” و “التغيير على وساخة بيجيب تسلخات”.

عبارة عبقرية ومعبرة .. “التغيير على وساخة بيجيب تسلخات” هكذا قلنا للأخوان عندما روجوا لنظرية الإصلاح من الداخل وهكذا صرخنا في وجه الأحزاب الثورية والائتلافات الثورية التي قررت خوض الإنتخابات البرلمانية 2011، ولهذا أطلقنا سهام اللوم والتخوين ضد الاخوان في 2011 و 2012 و 2013 .. الإصلاح على وساخة وهم، حرث في البحر، اشتغالة كبرى .. هكذا علمتنا التجارب.

 

(3)

أصدقائي السابقون الذين أصبحوا “هناك” أو قريبون من هناك أو يرغبون أن يكونوا “هناك” في دوائر السلطة وفي خدمة النظام الجديد القديم الأمني العسكري، وأصبحوا يلومون علي الآن ويهاجمونني لأنني أصبحت أكثر راديكالية من ذي قبل .. أنا المجرم لأني لا أريد الصبر على الأستبداد وبعمل دوشة ورفضت الاجراءات الاستثنائية ورفضت قمع الحريات وواجهت قانون التظاهر .. أنا المجرم ومكاني السجن!

الأصدقاء السابقون يروجون الآن لوهم وإشتغالة الإصلاح من الداخل وضرورة الصبر وصبر الضرورة وأنه علينا انتظار الانتخابات البرلمانية والمحليات “ولما نلاقي انهم كذابين نبقى نتكلم”

أصدقائي اللي هناك يلومون على الضحية بسبب عدم الصبر في الوقت الذي أصبح واضحاً للعيان ان القاتل والمجرم يستعيد قوته ولملم بالفعل شتاته واستحوذ على كل أدوات التحكم وكأن ثورة لم تقم.

لا فارق بين صديق أصبح هناك ويبرر للقمع بحجة الصبر وآخر هناك يبرر للقمع والاستبداد من اجل منصب في المنظومة الجديدة .. النتيجة واحده للأسف.

 

(4)

إلى أصدقائنا السابقين الذين أصبحوا هناك .. الحداية مابتحدفش كتاكيت وللأسف تبريراتكم الواهية ونصائحكم بالصبر ما هي إلا تبرير وغطاء سياسي من أجل عودة الإستبداد والظلم والفساد، وهم الإصلاح من الداخل ما هو إلا غطاء لعجزكم وتخاذلكم وهروبكم من المعركة .. تبرير للندالة والضعف أو ربما خوفاً من السجن أو التشويه، رغم أن تبريركم لن يعصمكم، وإن عصمكم اليوم فلن يحميكم غدا، بل انتم سبب رئيسي لحبسنا نتيجة لتخاذلكم.

انتم للأسف أصبحتم شركاء في مشروع إعادة انتاج نظام ما قبل 25 يناير، لا السيسي ولا العسكر ولا رجال الحزب الوطني يحترمون أو يفهمون الديمقراطية أو الحرية أو حقوق الإنسان.

دعونا نتراهن من الأن أن طرحكم سيكون وهمي وسيؤدي لنتائج كارثية، ولن يرمي لكم العسكر إلا الفتات، ولن تكون أغلبية برلمان العسكر إلا لرجال مبارك والحزب الوطني ورجال الأعمال الفاسدين وتجار السلاح والمخدرات كما كان قبل 25 يناير، وانتم لن تكونوا إلا محلل لا يجرؤ على النقد أو قول الحق، وإن قال الحق لن يؤثر لأن النظام وقتها سيكون عاد بكل قوته وأكثر شراسة، وحينها سنراكم في باقي زنازين العنبر او سيتم تشويهكم كما تم تشويهنا وذلك في أفضل الأحوال.

 

ما استطاعوا حبس وقتل وتعذيب شباب الثورة بدونكم، ما كانوا يستطيعون التنكيل بنا لولاكم، والمأساة الأكبر انكم تعلمون جيداً أن الأدوار قد تم توزيعها بالفعل من الآن، فمن سيكون في الحكومة عرف موقعة ومن سيكون في البرلمان جهز نفسه ومن سيكون معارضة مستأنسة حفظ دورة، حتى الكومبارس والجمهور كلٌ إتخذ مكانه ويستعد لأداء دوره القادم المكتوب له على اكل وجه.

وليس لنا ولثورتنا المعذورة إلا الله.

 

أحمد ماهر

ليمان طره

3 سنوات

لم يختلف المشهد كثيراً عن المرة السابقة، ربما القاضي ليس هو القاضي ولا عضو اليمين ولا عضو اليسار، نفس النيابة ونفس أجواء جلسة الحكم الاولي، و ” رزع ” القاضي الحكم في ثواني وأختفى بالظبط مثل جلسة الحكم في 8 يناير، ولكن ربما هذه المرة هناك ميزة هامة … وهي أن الاهل لم يحضروا هذه الجلسة.

لو كان هناك مجال لشكر القاضي ” عبد المأمور ” فربما أشكره على هذه اللفتة وهذا المنع، منع محمود بالنسبة لي على الأقل .. فلا داعي أن يكون أهلي متواجدون في هذه اللحظة العصيبة، أعلم أنها عصيبة عليهم أيضاً بالخارج ولكن من الأفضل أن يكونوا خارج القاعة في تلك اللحظة.

في المرة الاولى كان كل همي هو التخفيف عن أبي وأمي وزوجتي بعد لحظة النطق بالحكم مباشرة، حرس المحكمة يهرول بي لسيارة الترحيلات التي ستعود بس للسجن مرة أخرى الكل يهرول خارج القاعة نحن والأهل والمحامون والصحفيون .. معلش .. ماتقلقش .. كله هايعدي .. هاتتعدل غن شاء الله .. أنا كويس ماتقلقوش .. خلي بالكم من نفسكم .. بلاش عياط.
هذه المرة أفضل قليلاً .. ولكن ماذا عن حالهم أيضاً خارج المحكمة عندما علموا بالحكم؟

الحكم كماهو .. 3 سنوات مع الشغل و 3 سنوات مراقبة وغرامة 50 ألف .. لا يرغب النظام في التهدئة، كل ما قيل في الفترة السابقة عن التهدئة والانفراجة تبين انه وهم.
هذا النظام ابن مبارك وتربية مبارك .. عناد حتى آخر لحظة .. غروروتكبر وتجبر وصلف .. خليهم يتسلوا.. هكذا قال كبيرهم من قبل.

بصراحة .. لا يشغلني كثيراً تحليل الوضع السياسي في هذه اللحظة ولا لماذا التصعيد من قبل النظام ولا فرص التهدئة، وهل الانفراجة قبل الانتخابات أم بعد الانتخابات واستقرار الحكم للسيسي؟
ما يشغلني أكثر في هذه اللحظة هو أمور أخرى .. أعتبرها الآن اكثر أهمية.
ربما لم ألتفت اليها الفترة السابقة .. ولا السنوات السابقة .. ولا الحبسات السابقة.

3 سنوات … سيكون عمري 26 عاماً بعد انتهائهم .. وستكون ابنتي عندها 9 سنوات وابني 6 سنوات.
3 سنوات لن اكون مع ابنتي في عامها الدراسي الأول .. ولا الثاني .. وربما الثالث.
3 سنوات لن اكون مع ابني اسمعه عندما يقوم بتركيب جمل مفيدة .. ولا عندما يذهب للحضانة.
ولكن كيف سأقوم بتوفير مصروفات البيت والاولاد لـ 3 سنوات وأنا في السجن .. سؤال آخر مهم، خصوصاً واني لا املك سوى وظيفتي كمهندس مدني وراتبي الذي انقطع بالفعل قبل الحبس بشهور، وشهور تختلف عن سنوات … ليس عندي ثروة ولم أستعد لهذا اليوم .. بل عندي ديون وأقساط ستتراكم وتتضاعف حتى أن أخرج بعد 3 سنوات .. يا عالم

ليس من العسير على هذا النظام أن يلفق قضايا جديدة اذا أحس أن 3 سنوات غير كافية، نظام عاد لينتقم من الثورة ولا يستمع لعقل ولا يتبع منطق ويرى أن التصعيد مع الجميع هو الحل.

3 سنوات لن اكون فيها بجانب والدتي ولن أطمئن عليها وأتابع علاجها من مرضها اللعين الذي ظهر مرة اخرى بعد حبسي والحكم علي في المرة الأولى.
3 سنوات اخرى من المعاناة لزوجتي وأسرتي وكأن لم يتم الإكتفاء من سنوات المعاناة السابقة التي تقترب من 10 سنوات … فالحبس والبهدلة بدأ منذ 2005، والتواجد خارج المنزل معظم الوقت في عمل ثم مظاهرات أو ندوات أو إجتماعات أو مؤتمرات عندما أكون خارج السجن.
3 سنوات جديدة من التشويه ونشر الشائعات والأكاذيب عني بدون أن يكون لي حق الرد أو استطيع تفنيد الأكاذيب أو توضيح الحقائق أو حتى إتخاذ الإجراءات القانونية الغير مجدية أو تقديم بلاغات جديدة ضد الكاذبين .. بلاغات تلحق بما سبقها ويرميها النائب العام في الدرج أو الزبالة .. كالعادة
3 سنوات ستظل فيها النخبة الجديدة العسكرية تتحدث عن ضرورة الصبر وصبر الضرورة وفقه الضرورة ومرشح الضرورة ورئيس الضرورة وقوانين استثنائية الضرورة .. في حين يتعاركون على الفتات أو الذي يتعطف به الكبار ومحركي العرائس.
3 سنوات وسيظل أصدقائنا السابقون من شباب الثورة السابق – الليبرالي العسكري حالياً يمصمص الشفاه وينظرون إلينا بالحسرة ويكتبون رسائل الرثاء والتضامن الماسخة ثم بعدها يلقون اللوم علينا ويحملونا نحن الذنب لأننا لم نصبر ولأننا تدخلنا في وقت غير مناسب، أو لأننا ( مفتحناش مخنا ) مثلهم.
3 سنوات نقضيهم في ظروف سيئة نتيجة تخاذلكم وتخليكم عنا وتشجيعكم للعسكر على التنكيل بنا وسماحكم للنظام القديم بالعودة والانتقام من الثورة بعد ضعفكم وصمتكم وخذلانكم لنا وتبريراتكم الفارغة.
ما استطاعوا فعل ذلك لولاكم.

أصدقائنا السابقون الليبراليون العسكريون .. ارحمونا من رسائلكم ونصائحكم الماسخة ووفروها لأنفسكم ولضباطكم ولمشيركم .. لتلحقوا بركبه وتتصارعون على فتاته .. ونحن ليس لنا إلا الله

أحمد ماهر
ليمان طره

 

إلى الصديق عمرو بدر

الصديق العزيز عمرو بدر .. قرأت مؤخراً مقالتك التي رفضت فيها حملات تشويهي واتهامي بالخيانة رغم انك من المختلفين معي في الرأي.

وقد كانت المقالة رائعة تعبر فعلاً عن القيم النبيلة التي نحتاج للتذكير بها في مصر وهي حرية الإختلاف والخلاف مع المحافظة على الإحترام المتبادل ونبذ لغة التخوين والتشويه أثناء الخلاف السياسي.

فما أحوجنا في زمن الفاشية والصوت الواحد وتخوين المختلفين والمعارضين أن نكرس لقيم الإختلاف الراقي المحترم والدفاع عن المبادئ بغض النظر عن الشخص والخلافات القديمة.

 

وضربك لهذا المثال الراقي في الإختلاف مع الإلتزام بالدفاع عن المبدأ والحق في نفس الوقت ليس بغريب عليك، فأنت من الأساتذة والكتاب المحترمين منذ كتاباتك في الدستور 2004، وقد كنت اتابع كتاباتك منذ أن كنت عضو منتمي لحركة كفاية أواخر 2004 أوائل 2005، ولا أنسى بالطبع كتاباتك الشجاعة والعقلانية عندما تم إثارة موضوع السفر لدراسة تجارب التغيير في صربيا ودول أوروبا الشرقية عام 2009 عندما نصحت بأنه لا جرم من فتح نافذتنا لرؤية كل تجارب وخبرات الآخرين ولكن ا نسمح لأي فكرة غريبة بالقفز إلى النافذة أو أن يفرضها أحد علينا.

 

ورغم اني قرأت تدوينتك مؤخراً والتي أوضح تاريخها ان كتابتها كان منذ فترة، ولعل وصلك رأيي و ما كتبته من قبل في نقد المناضل حمدين صباحي ولحملته الفترة الأخيرة.
بداية أعتذر إن كان الغضب هو ما كان يحكم بعض كتاباتي خصوصاً عن حمدين صباحي وحملته، فقد تعرضت لظلم شديد في الفترة السابقة وحتى الآن، وللأسف شارك في حملات التشويه والتخوين بعض من رموز حملة حمدين صباحي.

ورغم كل ذلك أؤكد أن من حق حمدين صباحي الترشح للرئاسة بغض النظر عن موقفي من الانتخابات عامة، فلا أحد ينكر دور حمدين النضالي كل تلك السنوات ولا أنكر حقه في الترشح، وكذلك أرى ان من حق بعض الثوريين اعتبار حملة حمدين مُتنفس أو منصة لإعادة التذكير بالثوة ومطالبها، ولذلك فمن حقه الترشح ومن حق الأصدقاء دعم حملته كوسيلة – طبقاً لرؤيتهم – أو فرصة – طبقا لتقديرهم – لإعادة التذكير بالثورة.

 

ولكن أيضاً من حقي أنتقاد حمدين وإنتقاد رموز حملته لأسباب كثيرة، بعضها موضوعي وبعضها شخصي.

أولا من حقي إنتقاد التجربة الناصرية، وليس مَن ينتقد عبد الناصر بكافر أو خائن أو عميل أو يريد عودة الإستعمار والرجعية، ورغم انتقادي للتجربة الناصرية ولكني لا أكره عبد الناصر، بل أحترم حلمه وزعامته وطهارة يده وانحيازه للبسطاء ومساندته لحركات التحرر من الاستعمار، ولكن من حقي أن انتقد تجربته وأتخوف من عودة الإستبداد وحكم العسكر وفساد ضباط الطبقة الحاكمة وإنشغال الجيش بالسياسة وهو ما أدى لضعف الجيش وهزيمة 67 وضياع سيناء، بالإضافة لقتل الحياة السياسية وفرض الحزب الواحد والصوت الواحد والإعلام المضلل وغياب الحرية والديمقراطية.

 

أما بالنسبة للانتخابات الحالية، فلا أتهم من يشارك فيها بخيانة الثورة وأرفض تخوين حمدين صباحي على هذا الأساس وأرفض آفة التخوين عموماً، ولكن من حقي أن أرفض الانتخابات وأدعوا للمقاطعة لأنها بالفعل مسرحية هزلية، رغم أنني دائماً كنت من دعاة المشاركة نظراً لخلفيتي الليبرالية الإصلاحية، ولكن هذه المره بالفعل لا أرى إلا مأساه ومحاولة لإضفاء شرعية على عملية الإجهاز على ثورة 25 يناير، فجميعنا يعلم أن نظام مبارك عاد لينتقم من ثورة 25 يناير وكل ما يمت لها بصله.

ولذلك فمن حق حمدين الترشح ومن حق البعض عصر الليمون ودعمه كوسيلة للتواصل مع الشارع والتذكير بالثورة، ولكن من حقي أن أدعوا للمقاطعة وأن أختلف مع الزملاء بدون تخوينهم.

 

وأخيراً لا أستطيع أن أنكر غضبي من التخوين والتشويه والسب والقذف والتحريض الذي مارسه بعض رموز وكوادر حملة حمدين صباحي ضدي وضد حركة شباب 6 ابريل منذ عصير الليمون في 2012 وحتى كتابة هذه السطور، وبالطبع لا أنسى حملات التخوين والتشويه عندما اعترضنا على إجراءات ما بعد 3 يوليو، ثم دفاع رموز حملة حمدين صباحي عن قانون التظاهر وتحريض البعض على حبسي علانية في وسائل الاعلام أواخر نوفمبر 2013، ثم شماتتهم بعد حبسي، وحتى التضامن بعد ذلك كان انتقائي وليس دفاعاً عن مبدأ.

لا أريد أن أعمم ولكن هذا حدث بالفعل من أسماء معروفة ولايزال م حقي أن أغضب من تلك الممارسات والتصريحات التي لم يتم تصحيحها حتى الآن.

 

ولذلك أرجو ألا تغضبك هذه الرسالة وألا تزيد الفجوة، وأتمنىأن يحذوا الزملاء حذوك في إحترام الإختلاف وإحترام الرأي الآخر بدون تخوين وبدون عصبية وبدون صوت عالي.

وكذلك أرفض الحملات القذرة والشعواء التي تتهم حمدين بالعمالة والخيانة لمجرد رغبته في الترشح أمام السيسي، أرفض تشويه حمدين صباحي والحملات التي يطلقها ضده رموز نظام مبارك، فرغم إختلافي مع حمدين وبرنامجه وحملته إلا أنني أحترم تاريخة النضالي وأحترم رغبته في خوض معركة الرئاسة.

 

لا أريد أن تكون رسالتي عبئاً جديداً على حمدين، ولكنها رسالة لصديق، وربما تكون بداية للتصحيح والمراجعة والانتباه للأخطاء.

شكراً على تهذبك وأخلاقك وإختلافك الراقي الذي ضربت به مثلاً رائعاً.

 

أحمد ماهر

ليمان طره


** مقال عمرو بدر المشار إليه  http://yanair.net/archives/2177